وقد تابع أدلة الرد على المنكرين للبعث والحساب، منكرا على الإنسان استبعاد وقع البعث الجسماني وإمكانه قائلا:{أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} ومتى قدر على ذلك فهو قادر على إعادة أعيانهم- ولو اتجه الإنسان مع فطرته الصحيحة التي فطره الله عليها، لأجاب بقوله {بَلَى} أي هو قادر على ذلك؛ لأن هذه الإجابة هي مقتضي ما يعترفون به ولا ينكرونه {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ}(سورة العنكبوت آية ٦١) .
ولأنه تعالى {هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ} أي كثير الخلق، وكثرة الخلق ناشئ عن كمال القدرة، وهو {الْعَلِيمُ} الذي لا يخفى عليه شيء، فعلمه شامل بجزئيات الأشياء وكلياتها. كما قال تعالى {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}(سورة سبأ آية ٣) .
وقال تعالى {فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ}(سورة الأعراف آية ٧)
ثم دل على كمال قدرته ونفاذ مشيئته فقال {إِنَّمَا أَمْرُهُ} أي شأنه، (إذا أراد شيئا من الأشياء {أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} أي فيحدث ما أراده من غير توقف على شيء آخر فكيف يصعب على من هذه قدرته إعادة هذا الإنسان بعد بلاه وتمزقه.