وتأويل ما ورد في القرآن عن ناقة [٧] صالح عليه السلام كقوله سبحانه: {هَذِهِ نَاقَةُ اللهِ لكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُل فِي أَرْضِ اللهِ وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(٧٣: الأعراف) ، فقالوا: هي رمز لحجة دامغة وسلطان قاهر، أذعن له القوم، وتأولوا ما ورد في القرآن عن شربها [٨] في قوله تعالى: {قَال هَذِهِ نَاقَةٌ لهَا شِرْبٌ وَلكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ}[٩](١٥٥: الشعراء) ، بأن معنى هذا الشرب هو أن هذه الحجة قد أبطلت جميع ما خالفها.
وتغافلوا عن وصف القرآن لها بأنها {تَأْكُل فِي أَرْضِ اللهِ}(٧٣: الأعراف) وقوله: {لهَا شِرْبٌ}(١٥٥: الشعراء) ، وأنهم عقروها {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا}(١٤: الشمس) ، وكل هذا ينقض دعواهم.
رابعا: تأويل الهدهد بأنه رجل وليس طائرا:
وقرأوا ما ذكره الله في كتابه عن هدهد سليمان في قوله سبحانه:{وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَال مَا لِيَ لا أَرَى الهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الغَائِبِينَ}(٢٠: النمل) ، واستبعدوا كيف يتكلم هذا الهدهد؟ وكيف يقول لسليمان عليه السلام كما ذكر الله سبحانه:{أَحَطْتُ بِمَا لمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَأٍ بِنَبَأٍ يَقِينٍ}(٢٢: النمل) فقالوا: إن الهدهد رمز لرجل، أو أنه اسم لجندي من جنود سليمان عليه السلام، كانت مهمته أن يجمع له المعلومات.
ولو أن هؤلاء فهموا ما يدل عليه قوله تعالى:{وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ} ، وقوله تعالى:{عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ}(١٦: النمل) وكانت لهم عقول يعلمون بها أن الهدهد طائر من هذا الطير لما قالوا بهذا، ولقد كان الطير جنودا لسليمان كما قال تعالى:{وَحُشِرَ لِسُليْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الجِنِّ وَالأِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ}(١٧: النمل)