للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إدراك محنة ذلك الحجر الذي أحدث كل هذه الدوائر.

ثم يتناول قضية كون هذه الرواية سيرة ذاتية -علمًا أن مؤلفها كتب تحت عنوانها عبارة "سيرة ذاتية روائية ١٩٣٥ - ١٩٥٦" (١) - وراح هذا المحامي الحداثي يتمحل في الكلام ويتقعر في العبارات حول واقعية أحداث هذه الرواية!! ثم ختم تقعره البنيوي الألسني بقوله: (من هنا لا يصبح معنى للتساؤل عما إذا كان هذا الحدث قد وقع أو أنه لم يقع، وتتساوى عندها فرضية الحدث أو احتماله بل استحالته كذلك، فالحقيقة الوحيدة في النص الإبداعي هي هذه الحقيقة اللغوية (٢). . .

لو فرضنا جدلًا أن هذه القصة تصويرًا لسيرة ذاتية للمؤلف فإن مجرد كتابتها انطلاقًا من بداية محدودة للوصول إلى نهاية محدودة معناه وضعها بين قوسين هما البداية والنهاية اللتان اختارهما لها المؤلف على نحو قاصد، ومن شأن هذين القوسين أن يفصلاها عن جملة التراكمات اليومية التي يحياها الإنسان. . .، ولعل مما زاد إغراء التساؤل عما إذا كانت هذه السيرة ذاتية للمؤلف تلك العبارة التي جاءت تذييلًا للعنوان وهي "سيرة ذاتية روائية ١٩٣٥ - ١٩٣٦" (٣) فأحالتها إلى ما يشبه المذكرات والاعتراف بأحداث محددة في سنوات محددة عن عمر كاتبها، ومع ما في هذه العبارة من احتمال التضليل إلّا أن علينا أن ندرك محاولة المؤلف ربطها بنموذجية الضياع التي عاشها الجيل الذي ينتمي إليه، وكذلك محاولة غرسها في صميم وجدان المتلقي الذي يشاطره هموم المرحلة دون أن يعني هذا أنها صورة تسجيلية لواقع معين عاشه هو على نحو خاص. . .) (٤).

ماذا يريد أن يقول هذا المحامي الحداثي؟ إنه يحاول أن ينفي أن


(١) انظر: الخبز الحافي: ص ٥.
(٢) هذا وفق خرافة المذهب البنيوي والمنهج الألسني التي يتبنى الكاتب نشرها والدفاع عنها كعقيدة ومنهج.
(٣) الصواب ١٩٣٥ - ١٩٥٦ كما في الرواية: ص ٥.
(٤) الكتابة خارج الأقواس لسعيد السريحي: ص ٩٧ - ١٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>