للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القذارات الخلقية والسفلية السلوكية، يختم كلامه بالثناء على محمد شكري وعلى طريقته (١)، ويصفه بأنه يضع أسسًا أخلاقية مغايرة، وهو قول يدل على عمق السرطان الانحلالي في حياة وسلوك وأفكار هؤلاء الذين يفاخرون بالنجاسة، ويتمدحون بالنذالة، ويمجدون الخبث والقذارة والعفن، يقول هذا الناقد: (محمد شكري ظاهرة متفردة بين كتاب الأدب العربي المعاصر: يتفرد بتجربة حياته التي كان لها أكبر الأثر في طريقة تعبيره عنها، إنه لا يتعمد أن يقص بطريقة معينة لكنه يحاول أن ينقل لقارئيه الخبرات التي وشمت جسده وروحه، ولعله من قاع ما يبدو أنه "لا أخلاقي" يضع أسس (٢) "أخلاقية" مغايرة) (٣).

لقد بلغ بهم التبجح بالرذيلة درجة لا تعقل ولا تستساغ، وإن قارئ هذه الرواية النجسة ليحس بتحول هذا الإنسان إلى حضيرة الحيوانية بل إلى أبشع من ذلك، ومع ذلك تجد المدائح والإطراءات، والتبريرات الهزيلة، والدفاع السخيف، والامتداح للرذيلة والسخف والفساد والهوان، ولنأخذ على ذلك مثالًا غير ما سبق، ففي كتاب "الكتابة خارج الأقواس" يخصص مؤلفه فصلًا بعنوان من "العبث إلى التمرد" يتحدث فيه عن محمد شكري وروايته "الخبز الحافي" وليس بالإمكان نقل كل ما في هذا الفصل ولكن أكتفي ببعض الشواهد.

يقول المؤلف: (. . . كانت رواية الكاتب المغربي محمد شكري "الخبز الحافي" حجرًا ألقاه في بحيرة النقد العربي الراكدة فراحت دوائره المتلاحقة المتوالية تنكسر الواحدة تلو الأخرى على شاطيء القارئ العربي، لا تمنحه إلّا فرصة مراقبتها وهي تركض نحو العدم، دون أن تمكنه من


(١) ونحو هذا الصنيع ما كتبه الحداثي عبده وزان في مجلة الناقد، العدد التاسع، مارس ١٩٨٩ م/ ١٤٠٩ هـ: ص ٦١ - ٦٣ تحت عنوان أول سيرة ذاتية عربية لا تهاب الجرأة الغامضة.
(٢) هكذا والصواب أسسًا.
(٣) مجلة الناقد، العدد الثالث عشر، يوليو ١٩٨٩ م/ ١٤٠٩ هـ: ص ٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>