للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكون هذه الرواية الجنسية الداعرة الواصفة حياة التشرد والضياع، صورة واقعية لحياة أحد زملائه أو أساتذته في الحداثة؛ لأن الرواية تحتوي الإدانة السلوكية الكاملة للحداثيين الذين امتدحوا أو دافعوا عن هذه الرواية أو عن صاحبها.

ومع ذلك لم يتوقف عند هذا الحد في نفي كونها سيرة ذاتية رغم كتابة مؤلفها ذلك تحت عنوانها، بل تجاوز ذلك إلى الفصل الأخلاقي المتعمد - على الطريقة العلمانية بين الأخلاق والنقد، ثم التبرير الهابط لاستخدام الجنس في هذه الرواية، يقول الكاتب المشار إليه: (ومن تلك الدوائر الراكضة نحو العدم والتي أحدثتها رواية محمد شكري عندما ألقى بها في بحيرة النقد العربي الراكدة تلك النظرة إليها على أنها من الأعمال الإباحية التي كتبت لدغدغة الغرائز والشهوات، وهو حكم جزئي، إن وجد لدى المربين والقائمين على أمور المجتمع ما يبرره فإنه لا يجد له ما يبرره عند النقاد، ذلك أنه حكم على صفحات أو أسطر محدودة من الرواية مبتورة عن سياقها الذي وردت فيه، وهو حكم ينطوي على تجاهل لذلك الجو المأساوي الكئيب الذي تم توظيف الجنس في ثناياه لكي يؤدي دورًا محددًا باعتباره فعالية من فعاليات النشاط الإنساني من ناحية، وباعتباره بعدًا رمزيًا يكشف من خلال توتر العلاقة بينه وبين الأبعاد الأخرى عن جملة من الحقائق الإنسانية من ناحية ثانية) (١).

ويتمدد في عباراته الاعتذارية الممزوجة بالمدائح المبطنة للرواية وكاتبها على مدار مايزيد عن عشر صفحات، لا هدف لها إلّا نفي أن تكون الرواية سيرة ذاتية لمحمد شكري، ونفى أن تكون الرواية مجرد جنس وحشيش وخمر ولواط ونشل، ومحاولة إثبات أن لها أبعادًا إنسانية عميقة، ولها معايير خلقية حديثة تتفق والحياة خارج أقواس الضوابط الخلقية والسلوكية والدينية.


(١) المصدر السابق: ص ١٠٠ - ١٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>