للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقراص المعجون والخمر والمبغى، يبيت في الحدائق والأفران والسكك، في الحظيرة تبول فوقه فرس، ويتعرض -وهو اللص- للسرقة، وينام غير آمن من التعرض للاغتصاب. . .، وقد استطاع محمد شكري أن يرسم في "الخبز الحافي" صورة فنية منسقة لتكون وعي الصبي من خلال صدامه بعالم مدبب ذي أشواك وأنياب، عالم خارج عن الكتلة الرئيسية للمجتمع، واقف في مواجهتها، معادٍ لها، رافض لقوانينها وأعرافها ومواضعاتها وأنماط سلوكها، متخذ تجاهها سبل التسول منها أو سرقتها أو اغتصابها أو العدوان عليها، يستمد قوانينه من عالم المواخير والسجون وكل مؤسسات الخارجين على كل القوانين: المجرمين والشواذ والسكارى والبغايا واللصوص والمهربين. . .

إنه يلوك أفكارًا وجودية طوال الوقت، ولا يجد له ملاذًا إلّا في الجنس "الذي يمارسه في حفلات جماعية غالبًا" والمخدر، وهو قادر على استبطان رؤيته والتعبير عنها وهو تحت تأثير المخدر. . .، لقد رفض كل ما هو "طبيعي ومقدور" رفض أن يكون مثل هذا أو ذاك من عقلاء الناس، رفض الزواج والاستقرار والعمل، لكن المشكلة لا يقف عند حدود الرفض، بل يتجاوزها إلى ما يشبه كراهة الإنسان. . . من حيث هو كذلك. . . في لغة محمد شكري غنائية واضحة، خاصة حين يتوقف لينظر داخله، وهو تحت تأثير المخدر أو حرقة الشبق. . .) (١).

هذا تلخيص مختصر لما في الرواية القذرة من مضامين، تعمدت أن أنقله من قلم كاتب حداثي ومجلة حداثية بدلًا من استخراج هذه المضامين من الرواية نفسها، حتى لا يقول قائل بأن هذا من التحامل أو تحميل الكلام ما لا يحتمل.

والعجيب في الأمر أن هذا الناقد الحداثي بعد أن ذكر كل هذه


(١) مجلة الناقد، العدد الثالث عشر، يوليو ١٩٨٩ م/ ١٤٠٩ هـ: ص ٦٦ - ٧٠، والمقال لفاروق عبد القادر بعنوان محمد شكري هذا الكاتب الرجيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>