للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تصف رجلًا بأنه "سفلي". . . محمد إذن - كاتب سفلي بهذا المعنى، فأهم ما في عالمه، وما يثير اللفظ حوله وحول أعماله، إنّما هو صادر عن أسفل المجتمع وأسفل الجسم معًا. . . في السيرة الروائية والرواية كلتيهما هذا الذي يصدم القارئ التقليدي الآمن: المشاهد الجنسية المكتوبة بالكلمات "ذوات الحروف الأربعة" بلا محاولة للتغطية أو التورية أو الرمز أو التلميح، الأعضاء تتسمى بأسمائها، والممارسات باسمائها، وكل خطر قد ارتفع، ولعل هذه المشاهد -بالذات- هي مصدر اللغط حول شكري وعمله، وهي ما تطرح السؤال الأساسي: هل يكتب محمد شكري أدبًا "بورنوغرافيا" (١)، أو أدبًا "أزرق" على غرار أفلام السينما الزرقاء؟. . .

ولأن الجنس هدفه اللذة -وليس الإنسان من أجل إعمار الكون! - فلا تسل عن الممارسة: سوية هي أم شاذة، والحقيقة أنه منذ انشغل الفتى "بعضوه وحده" وهو يمارس كافة الممارسات: مع النبات "المرأة - الشجرة" والحيوان، ومع ذات الجنس: يغري صبيًا صغيرًا ويغتصبه، ويسلم ذكورته لأجنبي "حساس" يلتقطه بسيارته من أحد شوارع المدينة. . .

أمَّا إذا خلا العالم من هذا كله -وهل يخلو؟ - بقي له الاستمناء أي تحول الذات إلى موضوع طلبًا للذة! إنه ينمو ويشب ويتفتح وعيه في عالم خلا من الكوابح والضوابط ومحددات السلوك. . . في طنجة (٢): ماذا يُمكنك أن تجد سوى المهربين والمجرمين والقوادين والبغايا واللصوص والشواذ وكل الخارجين على كل الأعراف والقوانين؟ خليط من نفايات الأجناس والجنسيات، تجذبهم إليها الميناء المفتوحة على البحر والمحيط، يتصارعون ويهربون ويقودون ويتقاتلون، ويدخلون السجون ويرحلون، وصاحبه "الخبز الحافي" ملقى في القاع، وعليه أن يشق لنفسه طريقًا وسط الشر بالشر: يتعارك ويسرق ويتسول ويطلب اللذة، يعرف الكيف والحشيش


(١) بورنوغرافيا: مصطلح يعني أفلام وصور الجنس المكشوف.
(٢) هي المدينة التي جعلها محمد شكري محور روايته، حيث عاش وترعرع في محاضن الفساد والرذيلة والانحلال، حسب ما ذكر عن نفسه في هذه الرواية.

<<  <  ج: ص:  >  >>