للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوحل، ولكن لكل واحد منهم نصيبه من هذا الوحل.

لاسيما أنهم يكادون يتفقون على أن الدين والأخلاق من العوائق التي يرون وجوب القضاء عليها، على نحو مما قاله الطاهر بن جلون في رواية ليلة القدر على لسان إحدى الشخصيات: (كنت أصارع الشعور بالذنب، والدين، والأخلاق، والأشياء التي كانت تهدد بالظهور ثانية، كما لو أنها تروم توريطي، تلطيخي، خيانتي، وتدمير القلة القليلة التي كنت أحاول الحفاظ عليها من كياني) (١).

ويلخص علاء حامد موقف الحداثة من الأخلاق وأسسها الدينية في قوله: (إن نهاية مطاف الأديان لو دققنا العقل فى مغزاها ومضمونها نجد أنها تعريف للإنسان بمضمون الخطأ والصواب، هذا المضمون الذي يمر بمرحلة احتضار بعد أن هجرت القوانين الوضعية والعرف السائد أغلب ما فيه من أحكام، وبعد أن طرحت أرضًا كثيرًا من المسلمات الدينية التي استحوذت على العقل فترة ليست بالقصيرة، واستطاعت أن تدفن تحت أرضها في عصور الظلام بسطوة وقوة الداعين لها، نور العقل وضياء المنطق وومضه العلم، لم يعد ملائمًا العودة إلى هذا المضمون أو الدعوة إلى الارتماء في أحضانه، مثل هذه الدعوة إذا لم يواكبها فكر مستنير) (٢).

فهم يرون أن مفهوم الصواب والخطاء قد انقرض، وأن قضية الخير والشر قد انتهت، وعلى ذلك يُمكن عمل أي شيء في مجال الأخلاق، والتصرف بأي شيء في مجال السلوك، وبعد ذلك لم يعد لهؤلاء من قضية يدافعون عنها إلّا قضية الانحلال وتمجيد الرذائل، والدعوة إلى الشذوذ والشهوة، والحيوانية المطلقة من كل ضابط.

فعلاء حامد صاحب النص السابق يحارب فكرة الزواج والارتباط بين


(١) ليلة القدر: ص ٦٤.
(٢) مسافة في عقل رجل: ص ١٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>