للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم سيجد بعد ذلك من الكذابين المنافقين من يقول بأن نزار شاعر المرأة، وأنه احترم المرأة وأنصفها وأقام لها ميزانًا في الحياة!!.

بيد أنه لا يصح أن نستبعد من كلام إحسان عباس ما قاله عن قباني وشعره بأنه (فيه أصابع ثقافية فرويدية واضحة) (١)، وأنه يعيش الصراع بين الحب وعقدة أوديب (٢)، وأنه يحاول وصف توق المرأة الممض إلى حرية الحب وحرية الجنس، وخوفها من أن تصل إلى مرحلة يكف فيها الجسد عن الاعتزاز بثماره (٣).

وهي شهادة يطلقها هذا الناقد تناقض قوله السابق عن إنصاف قباني للمرأة، وشهادة تدل على مقدار الانحراف الخلقي عند الحداثيين شعراء ونقادًا، خاصة إذا أضفنا إلى ذلك ما سبق نقله عن قباني أنه لم يكتب قصيدة إلّا ولها رصيد من ممارسة واقعية.

وعندما سئلت نازك الملائكة: (ماذا تقولين إذن في شعر نزار قباني وهو شاعر لا يهتم بالأخلاق مطلقًا لا بل إنه يهاجمها ويسخر منها. . .؟) (٤).

أجابت، وكان من إجابتها قولها: (. . . كنت دائمًا أنفر من الوشاح الجنسي الذي يلف كثيرًا من قصائده. . . الأقسام الأخيرة من كتبه فيها يلوح الشاعر وكأنه شرير قاس ممتليء قصائده بالبثور المشوهة، وهذا الشعر لا فن فيه، ولا يشف عن شيء، وتولد القصائد مقتولة) (٥).

غير أنه ينبغي التنبه إلى أن هذا المواقف الناقدة لنزار لا تعني أن الحداثة قد برئت من الدعوة إلى الانحطاط الأخلاقي أو أن الحيوانية الجنسية والدعارة الشهوانية خاصة بنزار قباني، نعم هو من أكثرهم غرقًا في هذا


(١) اتجاهات الشعر العربي المعاصر: ص ١٣٨.
(٢) انظر: المصدر السابق: ص ١٣٩.
(٣) انظر: المصدر السابق: ص ١٤٠.
(٤) و (٥) قضايا الشعر الحديث: ص ٢٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>