للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التصور والاعتقاد، أو العمل والسلوك من هذا التناقض والاختلاف والنقص.

ومن مظاهر هذا التناقض ما نراه ونلمس اليوم في كل الأنظمة البشرية والدينية الوضعية، والمحرفة، من أفراط وتفريط، كما هو واضح من موقفها من الروحية والمادية، والغيب والشهادة، والفردية والجماعية، الواقعية والمثالية، والتطور والثبات، وغير ذلك من المتقابلات، التي وقفت فيها المذاهب والنظم الوضعية والمحرفة موقف الغمط والجور، وسبب ذلك ما في الطبع البشري من قصور، وما يتأثر به التفكير الإنساني من أوضاع وأحوال وخلفيات.

٥ - البراءة من التحيز والهوى، والجور والعدوان، والخلاص من تأثيرات الميولات الخاصة، والتوجهات البشرية المتلونة والميولات الإنسانية المتنوعة.

والمتأمل في المناهج والتشريعات البشرية -الوضعية، أو المحرفة عن أديان أصلها صحيح- يرى أنه لا يسلم منهج منها من التأثر بالأهواء البشرية، المتحيزة إلى جانب دون جانب، أو فريق دون فريق.

أمَّا نظام الإسلام فهو صادر عن اللَّه تعالى رب الناس أجمعين، العالِم بما يصلحهم وما يفسدهم، وهو -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- لا يتأثر بالزمان والمكان؟ لأنه خالقهما، ولا تحكمه -سبحانه- الأهواء والنزعات؛ لأنه المنزه عن الأهواء والنزعات، ولا يتحيز -جلَّ وعلا- لجنس ولا لون ولا طائفة؛ لأنه رب الجميع، وكلهم عبيده.

ومن ثم اعتبر القرآن العظيم ما عدا شريعة اللِّه وحكمه "أهواء" يجب الحذر منها ومن أصحابها {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (١٨)} (١)، {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} (٢).


(١) الآية ١٨ من سورة الجاثية.
(٢) الآية ٤٩ من سورة المائدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>