للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦ - ومن ثمرات هذه الربانية أنها تضفي على النظام المنبثق منها، قدسية واحترامًا لا يظفر بهما أي نظام، أو منهج من صنع البشر.

ومنشأ هذا الاحترام والتقديس اعتقاد المؤمن بكمال اللَّه تعالى وتنزهه عن كل عيب ونقص، في خلقه وأمره، فهو الحكيم فيما خلق وقدر، والحكيم فيما أمر ونهى، والعالم بكل شيء.

ويتبع هذا الاحترام والتقديس لشرع اللَّه، الرضا بكل تعاليم هذا النظام وأحكامه وتقبله بقبول حسن، والانقياد له بطواعية تامة وانشراح صدر واقتناع عقل وطمأنينة قلب، مما يؤدي إلى المسارعة إلى التنفيذ، والسمع والطاعة في المنشط والمكره، دون تلكؤ أو تكاسل، أو تحايل على الهرب من تكاليف النظام والتزاماته (١).

السادس: من خصائص الإسلام وميزاته التي تميز بها على كل ما عرفه الناس من فلسفات ومذاهب، "الشمول".

فالوجود كله بنشأته ابتداء، وحركته بعد نشأته، وكل تحورٍ وتغير خاضع لإرادة اللَّه وخلقه وعلمه، ومن هنا تبدأ خاصية الشمول في الكون والحياة والإنسان، إذ هي كلها مخلوقة للَّه خاضعة لمشيئته المطلقة.

ثم الوجود كله في سلك العبودية القهرية للَّه تعالى.

ومن هنا جاء الإسلام ليعرف الناس بطبيعة الكون الذي يعيشون فيه وارتباطه بخالقه، ودلالته على خالقه، جاء ليحدث عن الحياة والأحياء ومصدر الحياة فيهما، وجاء ليعرف بالإنسان وحقيقته ومصدر نشأته وغاية وجوده ومركزه في الكون، وخصائصه، ويرد الكينونة الإنسانية إلى مصدر واحد تتلقى منه التصورات والمفاهيم والقيم والموازين والشرائع؛ ذلك لأن


(١) كل ما ذكر هنا عن الربانية وثمراتها مقتبس من كتاب الخصائص العامة للإسلام ليوسف القرضاوي ٩ - ٥٥. وانظر: خصائص التصور الإسلامي لسيد قطب: ص ٤٣ - ٧١، ومجموعة رسائل الإمام حسن البنا: ص ١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>