للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (١٦٣) قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ. . .} (١).

إن الإنسان خلق أصلًا ليكون عابدًا للَّه تعالى ولم يخلق لمجرد أن يعيش، والمؤمن يعيش ليعبد ربه ويطبق حكمه متطلعًا إلى رضوانه، أمَّا الكافر فإنه يعيش ليأكل ويأكل ليعيش، ولا يجد في عقيدته الكافرة -قديمة كانت أو حديثة- أي جواب صحيح شافٍ لقضية خلقه وحياته وموته.

ولقد قرر القرآن هذه الحقيقة بوضوح حين ذكر الغاية من خلق الجن والإنس: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)} (٢) بل بين القرآن أن خلق العالم كله علوية وسفلية، لم تكن الغاية منه إلَّا أن يعرف الناس ربهم ويعبدوه، {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (١٢)} (٣).

ومن ثمرات هذه الربانية:

١ - أن يعرف الإنسان غاية وجوده، وحكمة حياته، ووظيفة في هذه الحياة بعيدًا عن التخبط والتيه والضلال، والعيش في عمايات الغايات الهابطة، والضلالات الساقطة.

٢ - أن الإنسان يهتدي إلى فطرته التي فطره اللَّه عليها، والتي تطلب الإيمان باللَّه تعالى، ولا يعوضها شيء غيره {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} (٤).

وستظل الفطرة الإنسانية تحس بالتوتر والضياع والتمزق حتى تؤمن باللَّه


(١) الآيات ١٦١ - ١٦٤ من سورة الأنعام.
(٢) الآية ٥٦ من سورة الذاريات.
(٣) الآية ١٢ من سورة الطلاق.
(٤) الآية ٣٠ من سورة الروم.

<<  <  ج: ص:  >  >>