للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجعله يسير في حياته العلمية والعملية في خط تصوري واضح المعالم، وما من دين احتفل بالإدراك البشري، وإيقاظه وتحريكه، وتحريره، وتقويم منهجه في النظر، وإطلاقه من قيود الوهم والخرافة، والكهانة والغيبيات الباطلة، وصيانته في الوقت ذاته من التبدد في غير مجاله، ومن الخبط في التيه بلا دليل. . ما من دين فعل ذلك كما فعله الإسلام، الذي وجه النظر إلى سنن اللَّه في الأنفس والآفاق وأوضح بجلاء طبيعة هذا الكون وطبيعة هذا الإنسان، وبين خصائصه وطاقاته المذخورة، ووسع دائرة إداراكاته توسيعًا لا يوجد في مثله (١).

الخامس: أن من خصائص الإسلام أنه "رباني" المصدر والمنهج والغاية والوجهة، فهو وحي من اللَّه تعالى، يحتوي على الكمال، لم يأت نتيجة لإرادة فرد أو أسرة أو طريقة أو حزب أو شعب، وإنَّما نتيجة لإرادة اللَّه الحكيم العليم، المتصف بصفات الكمال والجمال والجلال، الذي أراد للبشرية الهدى والنور، والبيان، والشفاء، والرحمة والخير، {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (١٧٤)} (٢)، {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (٥٧)} (٣)، {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (٨٩)} (٤)، {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (١)} (٥).

فهذا الدين يقوم على عقيدة ربانية وعبادات ربانية وتشريعات ربانية، وهو المنهج الوحيد في العالم الذي مصدره كلمات اللَّه وحدها، غير محرفة


(١) انظر: المصدر السابق: ص ٤٩ - ٥٠.
(٢) الآية ١٧٤ من سورة النساء.
(٣) الآية ٥٧ من سورة يونس.
(٤) الآية ٨٩ من سورة النحل.
(٥) الآية ١ من سورة إبراهيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>