للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والغضب، والحزن والفرح، فيتصرف في تلك الأحيان تصرف الأحمق، ويتحرك حركة المجنون، ويعمل ويقول ما يتندم عليه، أو ما يتعجب من حصوله منه بعد ارتفاع هذه الواردات عنه.

والإنسان فيه -إلَّا من رحم اللَّه- أخلاط الأخلاق الرديئة، ورعونات النفس الأمارة، وفيه الشهوة العارمة، والأنانية الذاتية، والحسد، والأثرة والحب والكره، والانتصار للنفس، والكبر والعجب.

والنفس الإنسانية لا تخلو من عيوب تؤثر فيها، ومنها أنها تستجلب فك الضر ممن لا يملكه، وجلب النفع ممن لا يقدر عليه، ولا ترى نقصها وتقصيرها ولا تألف الحق إلَّا مكرهة، لأن الطاعة على خلاف سجيتها، وتحب متابعة الهوى والشهوات، وتغلب عليها الغفلة والتواني والإصرار والتسويف في شأن الحق والهدى، وتغلب عليها اليقظة والإسراع في شأن المعصية والشهوة والرغبة، وتشتغل بعيوب الناس عما بها من عيبها، وبتزيين الظواهر دون البواطن، وتطلب الرئاسة بالعلم والتكبر والافتخار به والمباهاة بما تمتلك وبما لديها من مواهب وقدرات، وإذا رضيت مدحت المرضي عنه وتجاوزت عيوبه، وإذا غضبت ذمت وتناست المحاسن، وفيها طمع وجشع وحرص على اقتناص الحظوظ، والانتقام للذات والخصومة والغضب، واتباع الهوى، وموافقة ما يرضى النفس، وتضييع الأوقات بما لا نفع فيه أو بما فيه ضرر، ووقوعها في الكذب والشح والبخل، والإصرار على ما به ضررها، والغفلة عن ما فيه مصالحها الحقيقية، وألفتها للخواطر الرديئة والإرادات الخبيثة، وحبها للترؤس والسيطرة والعلو، وميلها إلى التحكم والطغيان.

وغير ذلك من الصفات والأدواء التي لا يخلو من بعضها إنسان، وقد يجتمع أكثرها في بعض الناس، خاصة الذين يتصدون لحكم الناس أو الذين تكون لهم مناصب توجيه وتأمّر، إلَّا من رحم اللَّه وقليل ما هم.

ومن كانت هذه صفاته فلا مناص له من الوقوع في الخلل في الأقوال والأفعال، ولا مهرب له من التناقض والنقص في أفكاره وأعماله، ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>