للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجلة شعر (١) المعروفة بعمالتها، وأن إرهاصاتها كانت على يد دعاة الشعر المنثور من نصارى العرب (٢)، وإن كان أصحاب التحلل الديني لا يعتبرون ذلك مسبة؛ لأنه قد تساوى عندهم العقائد والملل الحقة والضالة، بل لهذه الأخيرة المقام الأسمى عندهم!!.

وحتى يتضح مقدار الكذب الذي ألقاه نزار عن قصيدة النثر وإضافتها إلى القرآن العظيم -شرفه اللَّه- يُمكن لنا أن نقرأ كلام بعض رواد وكتاب ونقاد الأدب العربي المعاصر في موقفهم من الغثاء الذي يطلقون عليه اسم "قصيدة النثر".

يقول جهاد فاضل عن هذه العصابة: (إذا كتبوا نثرًا، ونثرًا رديئًا سموه شعرًا) (٣).

ويقول: (وهبطت نعمة من السماء تدعى قصيدة النثر تلقفها أول من تلقفها من كان مرفوضًا في الماضي في امتحان الشروط الشكلية، ولكن بدل أن يقنع هذا بحظه في نادي الشعر أصيب بالخيلاء وبات يعتبر أن موسيقى الشعر تحول دون الشعر، وأن الشعر لا يتحقق إلّا بالنثر، وأكثر من ذلك اعتبر أن جذور قصيدة النثر موجودة في التراث العربي، وهي تمتد إلى العصر الجاهلي، فسجع الكهان في الجاهلية قصائد نثر، وآيات القرآن الكريم قصائد نثر، وكذلك خطب الإمام في نهج البلاغة وشطحات المتصوفة.

مثل هذا النظر لا يستقيم بالطبع مع الحقائق التاريخية والموضوعية معًا، فقصيدة النثر، إذا أريد معرفة جذورها، فهذه الجذور موجودة في التراث الشعري الأوروبي، لا في التراث الشعري أو الأدبي العربي، إنها موجودة في كتابات رامبو وبودلير ولوتريامون وسواهم، أمّا اللغة العربية فلم تعرف


(١) انظر: الحداثة الأولى: ص ٥٢.
(٢) انظر: المصدر السابق: ص ١٨٨ - ١٨٩ حيث أشار إلى دعوة جورجي زيدان إلى الشعر المنثور، ثم دعوة أمين الريحاني ثم بولس شحادة وغيرهم.
(٣) قضايا الشعر الحديث: ص ٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>