للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرآن، وما فيه من عقائد، وتصوره للَّه والرسول. . .) (١).

كل ذلك في سياق جحده وإنكاره ومحاولاته الإلحادية في إبطال الدين الإسلام والتشكيك في أصوله، وقد استنسخ أتباعه ومحبوه هذه المضامين الاعتقادية الضالة وساروا على منواله فيها.

وقد مرّ معنا كيف استخدم بعض السور والآيات في كلامه على سبيل الاستخفاف والتدنيس، وكيف استعمل اسم الآية والسورة ومطالع بعض السور استعمالًا حداثيًا يستهدف الحط من شأن القرآن، والتقليل من مكانته وقداسته، وليس هذا خاصًا بأدونيس، بل وغيره من أصحاب الملة الحداثية سلكوا هذا المسلك وخاصة في جعل الشعر قرآنًا، وجعل القرآن العظيم شعرًا من خلال تسمية القصائد سورًا والأبيات الشعرية آيات، ومن خلال وصف القرآن بأنه شعر.

وهذا دليل على أن الكفر وإن تغيرت أزمانه فإن أصحابه يحاكون بعضهم ويرددون أقوال بعض، ففي هذا اللون من الانحراف نجد أن الكفار الأوائل قالوا عن القرآن بأنه شعر ووصفوا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بأنه شاعر، مع وجود الفرق الكبير الهائل بين نسق القرآن العظيم، ونظم الشعر، فضلًا عن الفرق العظيم بين المعاني والمضامين القرآنية، وما في الشعر من ضعف وحشو وهزال، ولا جرم أن يكون الفرق بينهما أبعد مما بين المشرق والمغرب، إذ الفرق بين كلام اللَّه وكلام البشر كالفرق بين اللَّه -جلَّ وعلا- والبشر.

ومن أقوال الكفار الأوائل في وصف القرآن وناقله عليه الصلاة والسلام ما حكاه اللَّه عنهم في قوله -جلَّ وعلا-: {بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (٥)} (٢).


(١) انظر: المصدر السابق ٢/ ٧٣.
(٢) الآية ٥ من سورة الأنبياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>