للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يظن بعض الأغرار بأن ذلك اعتراف من أدونيس بالقرآن، غير عالم بأن الحداثيين وعميدهم أدونيس يرون أن القرآن مجرد تراث فلكلوري (١) يُمكن استخدام رموزه في سياق حداثي تدنيس.

بل لقد صرح أدونيس بأن القرآن شعر لا كالشعر (٢)، وإنه جاء توكيدًا لحاجة عضوية نشأت في وسط اجتماعي أمي، ولذلك كان فنًا قوليًا وخطابيًا، وأن خطابية القرآن للتعليم والتحريض والتأثير وإذكاء الحماسة، وهذه صفات الخطابة وليست صفات العقل والفلسفة، ولذلك أوجد القرآن كما يفهم من كلامه عقليات متخلفة وجماهير استمالها هذا النص الخطابي (٣)، وبذلك يرى أن القرآن العظيم قد أثر سلبًا في الذوق الأدبي العربي (٤).

ولا غرو أن يكون هذا موقفه وقد مضى معنا كيف أثنى على الرازي الملحد جحده للنبوة وسخريته بالكتب المنزلة وخاصة القرآن، وسعيه لإبطال القرآن العظيم والتهكم بمعجزاته، وجعله كتب الفلسفة والحساب والطب هي الحجة (٥).

وأثنى أيضًا على الزنديق ابن الراوندي في اعتراضه ورده لإعجاز القرآن، وقوله بأن المعنى في القرآن متناقض، وتهكمه بالكتاب العظيم (٦).

وامتدح عبد اللَّه بن المقفع قائلًا: (كان ابن المقفع من أوائل الذين وقفوا من الدين موقفًا عقليًا، فانتقد الدين بعامة وخص الإسلام، فانتقد


(١) انظر: قول شوقي عبد الحكيم، الذي جعل القرآن مصدرًا من المصادر الفلكلورية في كتابه موسوعة الفلكلور والأساطير الشعبية: ص ٣٤. وأكثر الحداثيين يعدون القرآن من التراث أسوة بالشعر والحكاية الشعبية والمؤلفات الأدبية وغيرها.
(٢) انظر: الثابت والمتحول ٣ - صدمة الحداثة: ص ٢٣.
(٣) المصدر السابق: ص ٣٠٢.
(٤) انظر: رأيهم في الإسلام: ص ٣٥.
(٥) انظر: الثابت والمتحول ٢ - تأصيل الأصول: ص ٨٤ - ٨٥.
(٦) انظر: المصدر السابق ٢/ ٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>