للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أن براهين الحق وأدلته الحقيقة تفرض نفسها ولو كره الكافرون.

غير أنه يُمكن لنا هنا أن نلمس جانبًا من التفكير الحداثي والعلماني في سياق مواجهتهم وحربهم لدين الإسلام، فما أن يجدوا زنديقًا يقذف بشتائمه ودعاواه الباطلة إلّا اتحدوا معه وفرحوا به وأشادوا به، ورفعوا من شأنه، واستعاروا مواقفه وأقواله، في خضم عماوة غبية وجهالة ضلالية، وخذ مثالًا على ذلك أقوال أدونيس السابقة في مدح نظيره الرازي الملحد، وجعل عقيدته في الطبيعة هي المستقبل أبدًا، وما أصدق الوصف القرآني فيهم {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٥٣) فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (٥٤)} (١).

والمقصود أن أدونيس بتقريره وشرحه لكلام الرازي الملحد وثنائه عليه، يعطي صورة عن مذهبه الإلحادي القائم على جحد النبوات والوحي، وهو أستاذ من أكبر أساتذة الحداثة في العالم العربي، فما ظنك بتلامذته والمحاكين له والمعجبين به؟.

لقد أسس أدونيس لأتباعه أسسًا اعتقادية من خلال الدعوة إلى الحداثة والإبداع، وأنشأ جيلًا من المثقفين والأدباء لا توقير عندهم للَّه تعالى، ولا منزلة للدين لديهم، فهم بين جاحد ومرتاب.

ولنأخذ شيئًا من تلقيناته التي يبثها فيهم ضد نصوص الوحي، وما يترتب على ذلك من لوازم ومقتضيات في الواقع، يقول:

(في الشرق حروب مسعرة تحت راية نص ديني أصيل، والإنسان العربي يقاتل دفاعًا عن مبادئ لا يؤمن بها، فهو جندي في خدمة الأوهام، يستميت لتوطيد قيوده.

وهذه الدعوات للتقيد بحرفية النصوص قد تعنف، وتتعاظم خاصة أن الشعوب عامة تزداد تقبلًا للطروحات العقائدية والتصورات الخرافية أو ما شابه.


(١) الآيتان ٥٣، ٥٤ من سورة المؤمنون.

<<  <  ج: ص:  >  >>