للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٩ - الدراسات الحديثة للنصوص تعطي اهتمامًا للمضمر والمسكوت عنه، والمدلول عليه بطريقة ما في الخطاب ذاته.

والمسكوت عنه في الخطاب يمثل أحد آليات النص في التشكيل بما هو جزء من بنيته الدلالية، وقد يكون المسكوت عنه مدلولًا عليه في الخطاب بطريقة ضمنية، وقد يكون مدلولًا عليه بالسياق الخارجي، فالمسكوت عنه المدلول عليه في السياق الخارجي نجده في قضايا المرأة عمومًا وفي مسألة نصيبها في الميراث خصوصًا، أمّا المسكوت عنه المدلول عليه في الخطاب ضمنيًا فنجده في قضية المواريث بشكل عام، فتوريث المرأة نصف ميراث الرجل جاء به النص وله مغزى ودلالة مضمرة وهي تحرير الإنسان -الرجل والمرأة- من أسر الارتهان الاجتماعي والعقلي، لذلك طُرِح العقل نقيضًا للجاهلية، والعدل نقيضًا للظلم والحرية نقيضًا للعبودية، ولم يكن يمكن لتلك القيم إلّا أن تكون مضمرة مدلولًا عليها، فالنص لا يفرض على الواقع ما يتصادم معه كليًا بقدر ما يحركه جزئيًا، ولعل مسار الاجتهاد قد تحدد الآن في مسألة ميراث البنات، بل في كل قضايا المرأة المثارة في واقعنا، والتي يصر الخطاب الديني على التمسك بمناقشتها في حدود معاني النصوص مهدرًا المغزى، حاكمًا على التاريخ بالثبات وعلى دلالة النصوص بالجمود.

ولكن دلالة المسكوت عنه في مسألة الميراث لا تقف عند هذا الحد، بل تتحرك حركة غير مسبوقة في اتجاه العدل وتوزيع الثروة.

إن وقوف الخطاب الديني عند المعاني ينتهي في التحليل الأخير إلى الارتداد بالواقع وتجميد النصوص في نفس الوقت (١).

هذه نصوص كلامه في أكثر الفقرات، وملخص مضموني في بعض الفقرات، وهي كلها تدل على الاتجاه "البنيوي" "التناصي" "التأويلي" "التاريخي" التي تتلخص في ثلاثة مضامين أساسية:


(١) المصدر السابق: ص ٤٠٥ - ٤٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>