للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجن والشياطين، وحكم الربا، والحجاب للمرأة (١)؛ لأنها مجرد مفردات نشأت في بنية ذهنية ترتبط بمرحلة محددة من تطور الوعي الإنساني (٢)، واللغة العربية قد تشير إلى مدلولات ليس لها وجود عيني، مثل كلمة "العنقاء" التي ليس لها مدلول عيني واقعي (٣).

ومن معطيات النص الحرفية والتمسك بالدلالات التي تجاوزتها الثقافة وتخطتها حركة الواقع: جعل العلاقة بين اللَّه والإنسان محصورة في بعد "العبودية" والعبودية تستدعي مقولة "الحاكمية" (٤).

٢٨ - لابد من التفريق في نصوص الوحي بين المعنى والمغزى، فالمعنى له طابع تاريخي، ويمثل الدلالة التاريخية للنصوص في سياق تكونها وتشكلها ويتمتع المعنى بقدر من الثبات الملحوظ، أمّا المغزى فله طابع معاصر، بمعنى أنه محصلة لقراءة عصر غير عصر النص، وهو ذو طابع متحرك مع تغير آفاق القراءة، وليس المغزى هو المقاصد كما حددها الفقهاء، بل هو ناتج قياس الحركة التي أحدثها النص في بنية اللغة، ومن ثم في الثقافة والواقع، والقياس المحدد لحركة النص ولاتجاهها مقياس معاصر، ومعنى ذلك أن المغزى ليس محكومًا فقط بضرورة ملابسته للمعنى، بل توجه حركته آفاق الواقع الراهن والعصر؛ لذلك قلنا أن المغزى متحرك بحكم ملابسته لآفاق الحاضر والواقع.

أمّا مبدأ "لا اجتهاد فيما فيه نص" فهو مغالطة دلالية، ولذلك يُمكن تطبيق المغزى في المساواة بين الذكر والأنثى في الميراث؛ لأنه من الطبيعي أن تكون حركة النص التشريعية غير مصادمة للأعراف والتقاليد والقيم التي تمثل محاور أساسية في النسق الثقافي والاجتماعي (٥).


(١) قضايا وشهادات ٢/ ٣٩٥، ٣٩٧، ٣٩٨.
(٢) المصدر السابق ٢/ ٣٩٦.
(٣) المصدر السابق ٢/ ٣٩٧.
(٤) المصدر السابق ٢/ ٣٩٨، ٣٩٩ - ٤٠٢.
(٥) المصدر السابق ٣/ ٤٠٢ - ٤٠٥. وانظر: أيضًا ص ٣٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>