الحقل الدلالى والمعنوي للقرآن. . .، وهذا خلع على المفردات العربية أو المعجم اللغوي العربي شحنة دينية كثيفة، إلى حد أنه يصعب علينا اليوم إعادة اشتغال وبلورة المصطلح العربي بطريقة علمية كما يحصل في اللغات الأخرى. . . .، الصعوبة الأساسية التي تنهض أمامنا اليوم إذا ما أردنا أن نكتب الفكر باللغة العربية، فأي تعبير أو أي صياغة لغوية حديثة قد تبدو انتهاكًا للمقدسات في حين أنها لا تهدف إلى ذلك على الإطلاق، فعندما أقول: القرآن خطاب أسطوري البنية فإن المسلم يولول ويثور وينادي بالثبور وعظائم الأمور في حين أني لم أقل شيئًا خارقًا للعادة أو يسبب أي مشكلة. . .) (١).
ثم يحاول أن يسفسط حول معنى الأسطورة فيقول:(. . . إن معنى التعبير: القرآن خطاب أسطوري البنية هو شيء مختلف تمامًا عن كل ما هو سلبي أو شائن، أنه يعني أن البنية اللغوية أو الأسلوبية للقرآن هي بنية مجازية رمزية في معظمها، فالمجاز والاستعارة والحكاية وضرب الأمثال تخترق كلية الخطاب القرآني من أوله إلى آخره. . . . .)(٢).
وهذا عذر أقبح من فعل كما تقول العرب، وتلاعب بالألفاظ لا يغير من حقيقة المعنى شيئًا، ولا ينفي عن القائل اعتقاده بأن القرآن أسطورة كما كان يعتقد الكفار الأوائل، وعند هذه المسألة يجب التنبيه إلى الأسلوب من أساليب المجادلين في آيات اللَّه بغير علم ولا هدى من الجاهليين الأوائل والمعاصرين، أسلوب يتمثل في الادعاء بأنه "أساطير" من غير حجة على الدعوى ولا برهان، إلّا مجرد الخصومة بالباطل، ومن الطبيعي أنه ليس لديهم ما يقولونه عن القرآن إلّا إلقاء الدعاوى العرية من أي دليل، وهذا يُمكن أن يقوله أي أحد حتى في إنكار ضوء الشمس في ضحى النهار في العراء في اليوم الصحو، ولكن هل مجرد القول يكفي في إثبات الحجة، ولذلك نقل اللَّه أقوالهم هذه ورد عليها، فقال سبحانه: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ