للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في تبعية عمياء للمناهج والفلسفات الغربية فجعلها قبلته واستدبر الحق.

يقول أركون: (العقل الدين. . . يشتغل داخل إطار المعرفة الجاهزة، ويستخرج كل المعرفة الضخمة استنادًا إلى العبارات النصية للكتابات المقدسة "من قرآن وأناجيل" و"توراه" وإذن فالعقل الديني بطبيعته عقل تابع لا مستقل، وبالتالي فهو لا يطرح مشكلة أصل الوحي المعطى، أو معطى الوحي: أي الوحي كظاهرة موضوعية موجودة بغض النظر عن مشاعرنا الذاتية، تمامًا كوجود الظواهر الفيزيائية أو البيولوجية. . .، ومن هنا جاء تقديس الشريعة والقانون الإسلامي واعتباره فوق البشر والتاريخ) (١).

ثم يتحدث أركون عن القرآن ونصوص الوحي عمومًا باعتبارها "أسطورة" كما قال أسلافه: {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٥)} (٢).

ثم يشرح مراده بقوله القرآن خطاب أسطوري، فيفصل تفصيلًا أشنع من الإجمال الذي بدأ به، وعلى كل حال فهو لا يرى في القرآن ولا يعتقد فيه، ما يراه ويعتقده كل من رضي باللَّه ربًا وبالإسلام دينًا، ويعتبر أن اللغة العربية قد شحنت بدلالات دينية يجب تخليصها منها، وهو أحد المنادين بتفجير اللغة واستخدم كلمة "مخيال" في كتابه الفكرة الإسلامية: قراءة علمية (٣)، وعندما استضافته اليمامة كتبت على غلافها لما اختطفت طائرة كويتية "مخيال الموت"، وفي الداخل إشادة بأركون وبمشروعه التفجيري للغة العربية، وجعلت لفظة المخيال دليل تعانق بين اليمامة التي كان رئيس تحريرها -آنذاك- متخرجًا من السوربون أي أنه ارتضع هو وأركون من ظئر واحدة.

يقول أركون: (لا تزال لغة القرآن، وكانت دائمًا منغرسة ومتجذرة في


(١) الإسلام والحداثة ص ٣٣٨.
(٢) الآية ٥ من سورة الفرقان.
(٣) انظر: الفكر الإسلامي قراءة علمية: ص ٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>