للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإيديولوجية-، وهذا معناه أنه يريد إزالة الثقة المطلقة بالوحي وإحلال الشك مكان اليقين وإزالة الاعتقاد الإيماني بالوحي وهو ما يسميه الإيديولوجيا، وإحلال الاعتقاد الشكي والكفري تحت دعاوى التخلص من الإيديولوجيا، وما محاولة الكفار من قديم الزمن إلّا من أجل الوصول إلى هذا المقصد.

٤ - إنه يعترف بأنه لا يعرف بالضبط ما هو الوحي، وهذا اعتراف بالجهل فكيف يصح له أن يتكلم عن شيء يجهله أو يحكم على شيء لا يعلمه، إذ الحكم على الشيء فرع عن تصوره، وهذا مصداق قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (٨)} (١).

٥ - زعمه بأنه لا توجد في العالم كتب تطرح قضية الوحي، والتي يسميها "مشكلة الوحي" طرحًا عقلانيًا حديثًا هذا الزعم كاذب مخالف للواقع، ويتضمن إضافة إلى الكذب الثقافي الاعتزاز والافتخار بالنفس وهو من باب الكبر، كما قال تعالى: {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (٣٥)} (٢).

ويتضمن أيضًا نفي التبعية عن نفسه، ونعت منهجه بالاستقلال، وهذا كذب آخر ومكابرة للواقع الذي يعيشه ومناقضة لما في كتبه من دلائل واضحة على تبعيته.

وفي موضع آخر يصف العقل الديني، منطلقًا من عقلي لا ديني، ويعتبره عقلًا تابعًا غير مستقل، ولم يفطن إلى أن العقل الجاهلي اللاديني هو العقل التابع للهوى والشبهة والشهوة والأقوال الضالة والمذاهب الباطلة، ولم يدر بأنه غير مستقل، وأقرب مثال على ذلك عقله هو؛ حيث ارتكس


(١) الآية ٨ من سورة الحج.
(٢) الآية ٣٥ من سورة غافر.

<<  <  ج: ص:  >  >>