الآن، ونحن نستخدمها وكأنها مسلمات وبدهيات ونشر بها كما نشرب الماء العذب، هذا ما تعودنا عليه منذ الصغر ومنذ الأزل، ولكن إذا صممنا على أن ندخل فعليًا في مناخ الحداثة العقلية، فماذا نرى؟ ماذا تقول لنا الحداثة بخصوص هذه المفردات الضخمة الكثيفة التي تملأ علينا أقطار وعينا؟، ماذا تقول لنا بخصوص هذه المصطلحات الإيمانية المشحونة بالمعاني وظلال المعاني. . . عندما يستخدم المرء بشكل عفوي هذا المعجم الإيماني اللاهوتي القديم لا يعي مدى ثقله وكثافته وشحنته التاريخية وإبعاده المخفية، وكل الأخطار المرافقة لاستخدامه، فمثلًا عندما يقول المؤمن التقليدي أن هناك أشياء لا تتغير ولا تتبدل، وعندما يقول هناك المقدس "أو الحرم باللغة الإسلامية الكلاسيكية".
وينبغي عدم التساؤل حوله أو مسه، وعندما يقول: هناك الوحي، وكل هذه الأديان انطلقت من النقطة نفسها: الوحي. . . الخ عندما يقول كل ذلك فإنه يستخدم لغة كثيفة أكثر مما يجب، هكذا تلاحظون أني استخدم صفة كثيفة أو ثقيلة "بمعنى الوزن" الحيادية لكيلا أطلق أي حكم قيمة، ماذا تعني هذه الكلمة؟ إنها تعني أن كواهلنا تنؤ تحت ثقل أكياس هذا المعجم القديم، فهو أثقل من أن نحتمله أو نستطيع حمله بعد الآن،. . . ففي هذه الأكياس "أكياس المعجم التقليدي" أشياء كثيرة لا شيء واحد، وينبغي أن نفتحها لكي نعرف ما فيها، لم نعد نقبل الآن بحملها على أكتافنا وظهورنا دون أي تساؤل عن مضمونها كما حصل طوال القرون الماضية، ماذا تقول لنا الحداثة بخصوص كل واحدة من هذه الكلمات والمصطلحات الثيولوجية القديمة؟، ماذا تقول لنا إذا ما قبلنا أن ندخل فعلًا في مناخ الحداثة ونتنفس هواها الطلق؟) (١).
وهذا الكلام مليء بالدلالات الحداثية في موقفها من الوحي والمصطلحات الإسلامية، ومن الإسلام، وهو واضح تمامًا في تشخيص المشروع الحداثي إزاء كل هذه القضايا، بل إزاء الإسلام جملة وتفصيلًا.