للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالاستحقاق. وقرأ الباقون «(استحقّ)» بضمّ التاء وكسر الحاء على المجهول، يعني الذين استحقّ فيهم ولأجلهم الإثم وهم ورثة الميت، استحق الحالفان بسببهم وفيهم الإثم.

وقرأ الحسن: «(من الّذين استحقّ عليهم الأوّلان)» (١).

قوله تعالى: {(لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما)} أي يميننا من يمينهما، ونظيره {فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ} (٢) أراد الأيمان.

فلمّا نزلت هذه الآية حلّف رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص والمطّلب بن أبي وداعة، فحلفا فدفعا المتاع إلى أولياء الميت. قال ابن عبّاس: (فذكرت هذه الآية لتميم بعد ما أسلم فقال: صدق الله وبلّغ رسوله، أنا أخذت الإناء، فأتوب إلى الله وأستغفره) (٣).

وإنّما نقلت اليمين إلى الأولياء؛ لأن الوصيّين صحّ عليهما الإناء، ثم ادعيا أنّهما ابتاعاه، وكذلك إذا ادّعى رجل على رجل مالا، فأقرّ المدعى عليه بذلك، وادّعى أنه قضاه، فالقول قول صاحب المال مع يمينه، وكذلك إذا ادّعى سلعة في يد رجل فاعترف بذلك، ثم ادّعى أنه اشتراها من المدّعي أو وهبه منه المدعي.

وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما: (عن تميم الداريّ قال: بعنا الإناء بألف درهم، فاقتسمناه أنا وعديّ، فلمّا أسلمت تأثّمت من ذلك بعد ما حلفت كاذبا، فأتيت أولياء الميّت فأخبرتهم أنّ عند صاحبي مثلها، فأتوا به إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فسألهم البيّنة، فلم يكن لهم بيّنة، فأمر الأولياء أن يحلفوا، فحلفوا، فأخذت الخمسمائة من عديّ ورددت أنا الخمسمائة) (٤).

فذلك قوله تعالى: {ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها؛} أي ذلك لكم أقرب إلى أن تقوم شهود الوصيّة على وجهها، {أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ}


(١) ينظر: جامع البيان: النص (١٠٠٩٢).
(٢) النور ٦/.
(٣) جزء من أثر طويل عن عكرمة؛ أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (١٠٠٩٣).
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (١٠٠٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>