للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{بَعْدَ أَيْمانِهِمْ؛} وأقرب إلاّ أن يخافوا أن تردّ عليهم أيمانهم بعد أيمان المسلمين، ويقال: أن يردّ الأيمان إلى المدّعين المسلمين بعد أيمان المدعى عليهم الكفّار.

قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللهَ؛} أي اخشوه أن تحلفوا أيمانا كاذبة أو تخونوا أمانة، {وَاسْمَعُوا؛} أي أقبلوا الموعظة، {وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ} (١٠٨)؛أي لا يصلح أمر الخائنين عن طاعة الله.

روي عن مجاهد أنه أخذ بظاهر الآية وقال: (إذا مات المؤمن في السّفر، ولا يحضره إلاّ كافر، إن أشهدهما على ذلك، فإن رضي ورثته بذلك، وإلاّ حلف الشّاهدان أنّهما صادقان، فإن ظهرا أنّهما خانا، حلف اثنان من الورثة، وأبطلت أيمان الشّاهدين) (١).وعن هذا قال شريح: (لا تجوز شهادة اليهوديّ والنّصرانيّ على المسلم إلاّ في السّفر، ولا يجوز في السّفر إلاّ على الوصيّة) (٢).

وذهب أكثر الفقهاء إلى أنّ شهادة الكافر لا تقبل على المسلم بوجه من الوجوه؛ لأنه روي أنّ آية الدّين من آخر ما نزل من القرآن، وتلك الآية تقتضي جواز نسخ شهادة الكافر على المسلمين لا محالة؛ لأن قوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ} (٣) يتناول المؤمنين؛ لأن الخطاب في تلك الآية يوجّه إليهم باسم الإيمان وهو قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}.

قوله تعالى: {*يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ماذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا؛} يعني يوم القيامة، ونصب {(يَوْمَ)} على إضمار اذكروا واحذروا، ويحتمل أنه انتصب بقوله {(وَاتَّقُوا اللهَ)،} والسّؤال للرسل توبيخ للذين أرسلوا إليهم، كما في قوله تعالى {وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ} (٤) إنما تسأل الموءودة لتوبيخ قاتلها.

وأما قول الرسل: {(لا عِلْمَ لَنا)،} فقال ابن عبّاس والحسن والسديّ ومجاهد: (إنّ هذا الجواب إنّما يكون في بعض مواطن القيامة، وذلك عند زفرة جهنّم، وجثوّ


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (١٠٠٩٦)،وبمعناه عن ابن عباس: الأثر (١٠١٠٣).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (١٠٠٩٩) بمعناه.
(٣) البقرة ٢٨٢/.
(٤) التكوير ٨/.

<<  <  ج: ص:  >  >>