للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: إنّه لمّا طالت المدّة أظهرا الإناء ولم يبيعاه، فقال لهما الورثة: إنّما حلفتما فما بال الإناء معكما؟ فقالا: إنّا كنّا اشتريناه منه ولم يكن لنا بيّنة، فكرهنا أن نقرّ به لكم فتأخذوه. فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى قوله تعالى:

{فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقّا إِثْماً فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ}.

معناه: فإن اطلع على أن الوصيّين استوجبا ذنبا بالخيانة واليمين الفاجرة حيث قالا: إنّ الميت لم يبع شيئا من متاعه، ثم قالا بعد ظهور الإناء في أيديهما أنّهما ابتاعاه منه، فآخران من أولياء الميت وهما عمرو بن العاص والمطّلب بن أبي وداعة، يقومان مقام النصرانيّين الخائنين في اليمين، فيحلفان بالله، {لَشَهادَتُنا أَحَقُّ؛} بأنّ الإناء لصاحبنا، وأنّهما لا يعلمان بأن الميت باعه في حياته، {مِنْ شَهادَتِهِما؛} أي أعدل وأحقّ بالقبول من شهادة النصرانيّين، {وَمَا اعْتَدَيْنا؛} فيما ادّعينا وحلفنا، {إِنّا إِذاً لَمِنَ الظّالِمِينَ} (١٠٧)؛على أنفسنا لو اعتدينا.

وقوله: {(مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ)} راجع إلى قوله {(فَآخَرانِ،)} و {(الْأَوْلَيانِ)} بدل من {(فَآخَرانِ)} كأنه قال: وآخران من الذين استحقّ عليهم الوصية، وهم ورثة الميت وأولياؤه، وهما الأوليان بالميت. ويقال: الأوليان باليمين يقومان مقام النصرانيّين في اليمين،

ويقال: معنى {(اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ)} أي استحقّ فيهم الإثم وهم الورثة، استحقّ النصرانيّان الإثم بسببهم، وقد تقام على مقام (في)،كما في قوله تعالى: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} (١).واحد الأوليان: الولى، والجمع: الأولون، والأنثى الولياء، والجمع الوليات والولي (٢).

وقرأ الحسن وحفص: «(من الّذين استحقّ عليهم)» بفتح التاء والحاء؛ أي وجب عليهم الإثم، ثم قال {(الْأَوْلَيانِ)} راجع إلى قوله {(فَآخَرانِ)} الأوليان، ولم يرتفع


(١) طه ٧١/.
(٢) في معاني القرآن وإعرابه: ج ٢ ص ١٧٥؛قال الزجاج: (وهذا موضع من أصعب ما في القرآن في الإعراب).

<<  <  ج: ص:  >  >>