للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والصّبر فيها كالقبض على الجمر، والمتمسّك فيها بمثل الّذي أنتم عليه له كأجر خمسين عاملا منكم] (١).

ففي هذه الأخبار دليل على أنّ فرض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يسقط إلاّ عند العجز عن ذلك. كما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: [إذا رأى أحدكم منكرا واستطاع أن يغيّره فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان] (٢).

وحكي: أنّه لمّا مات الحجّاج قال الحسن رضي الله عنه: (اللهمّ أنت أمتّه فاقطع عنّا سنّته، فإنّه أتانا أخيفش أعيمش، يمدّ بيد قصيرة، والله ما عرق فيها في سبيل الله عنان، يرجل جمّته ويتبختر في مشيته، ويصعد المنبر فيهدر حتّى تفوته الصّلاة، لا من الله يتّقي ولا من النّاس يستحيي، فوقه الله عزّ وجلّ، وتحته مائة ألف أو يزيدون، لا يقول له قائل: الصّلاة أيّها الرّجل. ثمّ جعل الحسن يقول: هيهات، والله حال دون ذلك السّيف والسّوط) (٣).وفي هذا الخبر دليل أن السّلف كانوا معذورين في ذلك الوقت في ترك الإنكار باليد واللّسان.

قوله عزّ وجلّ: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ؛} قال ابن عبّاس: (نزلت هذه الآية في ثلاثة نفر، خرجوا من المدينة إلى الشّام لتجارة، أحدهم: عديّ بن بدّاء، والآخر عامر بن


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (١٠٠٢٢).وفي الدر المنثور: ج ٣ ص ٢١٥؛ قال السيوطي: «أخرجه الترمذي وصححه وابن ماجة وابن جرير والبغوي في معجمه وابن المنذر وابن حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب) واللفظ للطبري في جامع البيان.
(٢) أخرجه مسلم في الصحيح: كتاب الإيمان: باب كون النهي عن المنكر من الإيمان: الحديث (٤٩/ ٧٨).وأبو داود في السنن: كتاب الصلاة: الحديث (١١٤٠).وابن ماجة في السنن: كتاب إقامة الصلاة: باب ما جاء في صلاة العبد: الحديث (١٢٧٥)،وفيه: [من رأى منكرا فاستطاع ... ].
(٣) ذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٦ ص ٣٣٩: تفسير الآية (١٢) من سورة الحجرات: المسألة التاسعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>