للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أوس الدّاريّ، وهما نصرانيّان، والثّالث بديل بن ورقاء (١) مولى عمرو بن العاص، وكان مسلما مهاجرا، فحضر بديل بن ورقاء الوفاة وكان مسلما، فأوصى إلى صاحبيه، وأمرهما أن يدفعا متاعه إلى أهله إذا رجعا، فمات بديل ففتّشا متاعه، وأخذا منه إناء من فضّة منقوشا بالذهب كان فيه ثلاثمائة مثقال.

فلمّا قدما المدينة وسلّما المتاع إلى أهله، وجد أهله كتابا في درج الثّياب فيه أسماء الأمتعة، قالوا لهما: هل باع صاحبكما شيئا من متاعه؟ قالا: لا، فهل طال مرضه فأنفق شيئا؟ قالا: لا، إنّما مرض حين قدم البلد، فلم يلبث أن مات. فقال لهما عمرو بن العاص والمطّلب ابن أبي وداعة: فإنّا وجدنا في متاعه صحيفة فيها تسمية متاعه، وفيها إناء منقوش مموّه بالذهب فيه ثلاثمائة مثقال. قالا: ما ندري، إنّما أوصى إلينا بشيء وأمرنا أن ندفعه إليكم فدفعناه. فرفعوهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكروا ذلك له، فأنزل الله هذه الآية (٢).

ومعناها: يا أيّها الذين آمنوا شهادة الحال الذي بينكم إذا حضر أحدكم الموت فأراد الوصيّة شهادة اثنين ذوي عدل منكم؛ أي من أهل دينكم. وهذه جملة تامّة تتناول حكم الشّهادة على الوصيّة في الحضر والسفر.

قوله تعالى: {أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ؛} مقيّد بالسّفر خاصّة، معناه: أو آخران من غير أهل دينكم، {إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ؛} إن أنتم سافرتم في الأرض، {فَأَصابَتْكُمْ؛} في السّفر، {مُصِيبَةُ الْمَوْتِ؛} ولم يكن يحضركم مسلمون.

قوله تعالى: {تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ؛} أي تقفونهما وهما النصرانيّان، والمراد بقوله: {(بَعْدِ الصَّلاةِ)} بعد صلاة العصر كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يقضي بعد صلاة العصر وهو وقت اجتماع الناس، وأهل الكتاب يعظّمونه، {فَيُقْسِمانِ بِاللهِ}


(١) ويسمى أيضا بديل بن أبي مريم.
(٢) أخرجه الترمذي في الجامع: كتاب التفسير: الحديث (٣٠٥٩) من رواية محمد بن السائب الكلبي (أبو النضر) وضعفه، وفي الحديث (٣٠٦٠) قال: حسن غريب. والبخاري في التاريخ الكبير: ج ١ ص ٢٨٥:الترجمة (٦٧٦).والحديث أخرجه أهل التفسير بألفاظ طويلة ومختصرة، ينظر: الجامع لأحكام القرآن: ج ٦ ص ٣٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>