للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما السّائبة: فكان إذا قدم الرجل من سفر أو برأ من مرض أو بنى بناء، سيّب شيئا من إناث الأنعام وسلّمها إلى سدنة آلهتهم، فيطعمون منه أبناء السّبيل من ألبانها وأسمانها إلاّ النساء، فإنّهم كانوا لا يطعمونهن منها شيئا حتى تموت، فإذا ماتت أكلها الرجال والنساء جميعا.

وأما الوصيلة: فهي من الغنم كانت الشاة إذا نتجت سبعة أبطن، فإن كان البطن السّابع ذكرا ذبحوه لآلهتهم، وإن كانت أنثى صنعوا بها ما يصنعون بالأنثى من البحيرة، وإن كان ذكرا وأنثى قالوا: إنّها وصلت أخاها، فلم تذبح الذكر لمكانه منها، وكان منافعهما للرّجال دون النساء من السّدنة وأبناء السّبيل الى أن يموت واحد منهما فيشترك فيه الرجال والنساء.

وأما الحامي: فهو الفحل إذا ركب ولد ولده قالوا: قد حمى ظهره فلا يركب ولا يحمل عليه ولا يمنع من ماء ولا مرعى حتى يموت، فيأكله الرّجال والنساء.

وقد روي عن زيد بن أسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: [إنّي لأعرف أوّل من سيّب السّوائب، وأوّل من غيّر عهد إبراهيم خليل الله]،قالوا: من هو يا رسول الله؟ قال: [عمرو بن لحي، ولقد رأيته يجرّ قصبه في النّار يؤذي أهل النّار بريح قصبه.

وإنّي لأعرف أوّل من بحّر البحائر]،قالوا: من هو؟ قال: [رجل من بني مدلج، كانت له ناقتان فجدع أذنيهما وحرّم ألبانها، ثمّ شربه بعد ذلك، ولقد رأيته في النّار يعضّانه بأفواههما ويخبطانه بأخفافهما] (١).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأكثم الخزاعيّ: [رأيت عمرو ابن لحي يجرّ قصبه في النّار، فما رأيت من رجل أشبه برجل منه بك ولا بك منه، وهو أوّل من غيّر دين إبراهيم عليه السلام، ونصب الأوثان، وبحّر البحيرة، وسيّب السّائبة، ووصل الوصيلة، وحمى الحامي، ولقد رأيته في النّار يؤذي أهل النّار بريح قصبه]، قال أكثم: يا رسول الله أيضرّني شبهه؟ فقال: [إنّك مؤمن وهو كافر] (٢).


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (٩٩٩٦) بإسناد مرسل.
(٢) أخرجه القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ٦ ص ٣٣٧.والطبري في جامع البيان: النص (٩٩٩٤)،والحاكم في المستدرك؛ وقال: صحيح على شرط مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>