للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فتعرّضت أمّك لحذافة فجامعها فاشتملت بك] فأنزل الله هذه الآية (١).

ومعناها: يا أيّها الذين آمنوا بالله ورسوله لا تسألوا النبيّ صلى الله عليه وسلم عن أشياء إن أظهر لكم جوابها ساءكم، ذلك {وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ؛} وإن تسألوا عنها عند نزول القرآن أظهر لكم جوابا، {عَفَا اللهُ عَنْها؛} أي عن مسألتكم لم يؤاخذكم بالبحث عنها. ويقال: أراد بالعفو الستر عليهم، {وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} (١٠١)؛أي متجاوز عن العباد، حليم عن الجهّال لا يعجّل عليهم بالعقوبة.

قوله عزّ وجلّ: {قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ} (١٠٢)؛أي قد سأل نحو هذه المسائل من قبلكم، قال ابن عبّاس:

(كانت بنو إسرائيل يسألون أنبياءهم عن أشياء لم تكتب عليهم ولم يؤمروا بها، فإذا بيّنوا لهم حكمها لم يفعلوا، فعذبهم الله وأهلكهم بسبب ذلك، كما سأل قوم عيسى المائدة ثمّ كفروا، وسأل قوم صالح النّاقة ثمّ عقروها وكفروا) (٢).

قوله تعالى: {ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ؛} أي لم يجعل الله ما يقوله كفّار قريش من تحريم البحيرة والسّائبة والوصيلة والحامي، {وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ؛} ولكنّهم هم الذين جعلوا من ذات أنفسهم، واختلقوا على الله بأنه حرّم هذه الأشياء، {وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} (١٠٣) وهم السّفلة والعوامّ لا يعقلون، بل يقلّدون رؤساءهم فيما يقولون.

وأما تفسير البحيرة: كانت الناقة إذا نتجت خمسة أبطن نظروا، فإن كان البطن الخامس ذكرا ذبحوه لآلهتهم، وكان لحمه للرّجال من سدنة آلهتهم ومن أبناء السّبيل دون النّساء، وإن مات قبل الذبح أكله الرجال والنّساء، وإن كان الخامس أنثى نحروا أذنها؛ أي شقّوها شقّا واسعا وهي البحيرة: لا تركب ولا تذبح ولا تطرد من ماء ولا أكل، وألبانها ومنافعها للرّجال من السّدنة وأبناء السبيل دون النّساء حتى تموت، فاذا ماتت اشترك فيها الرجال والنساء.


(١) ربما هو ما رواه السدي؛ أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (٩٩٧٦) وإسناده مرسل.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (٩٩٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>