للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ؛} معناه: أو إعتاق مملوك يستوي فيه الذكر والأنثى؛ والصغير والكبير. وظاهر اللفظ يقتضي رقبة مسلّمة من العاهات؛ لأن اسم الشخص بكماله، إلا أنّ الفقهاء اتّفقوا أن النقص اليسير لا يمنع جوازها.

ولا يجوز عتق أمّ الولد، والمعتق بعضه بالإجماع، وأما المدبّر فالخلاف فيه كالخلاف في بيعه، وأما المكاتب فيجوز عتقه عن الكفارة إذا لم يؤدّ شيئا من الكتابة عندنا. وقال الشافعيّ: (لا يجوز).

ويجوز عندنا عتق الرقبة الكافرة والمؤمنة في كفّارة اليمين والظّهار؛ لأن الرقبة مبهمة فيهما، إلا العبد المرتدّ؛ فإنه لا يجوز؛ لأنه غير محقون الدم. وقال الشافعيّ: (لا يجوز قياسا على كفّارة القتل).

قوله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ؛} معناه: إذا لم يكن له فضل عن كسبه وثياب بدنه وما يقتات به في منزله مقدار ما يطعم عشرة مساكين أو يكسوهم ويعتق رقبة، فعليه صيام ثلاثة أيّام. وظاهر الآية: يقتضي أنه يجزئ في الصيام التفريق، وهو قول مالك والشافعيّ. وفي قراءة ابن مسعود وأبي بن كعب:

«(فصيام ثلاثة أيّام متتابعات)» (١).وعن ابن عبّاس ومجاهد وإبراهيم وقتادة وطاوس؛ أنّهم قالوا: (هي متتبعات).

قوله تعالى: {ذلِكَ كَفّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ؛} أي ذلك الذي ذكرت لكم، وأمرتكم به كفّارة أيمانكم إذا حلفتم. وقوله تعالى: {وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ؛} أي احفظوها من الحنث، وهذا إذا لم يقع اليمين على منع واجب أو فعل معصية، أما إذا كان اليمين على منع واجب أو فعل معصية، فعلى الحالف أن يحنث نفسه ويكفّر عن يمينه.

ويقال: معناه: {(احْفَظُوا أَيْمانَكُمْ)} راعوا ألفاظ أيمانكم ليعلم الرجل ما حلف عليه فيكفّره إذا حنث. ويقال: معناه: لا تحلفوا، كما قال الشاعر (٢):


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (٩٧٥٣ - ٩٧٥٦) عن عبد الله بن مسعود، والنص (٩٧٥٠) عن أبي بن كعب.
(٢) البيت لكثير عزة (٤٠ - ١٠٥ هـ‍).ينظر: لسان العرب: مادة (ألا).

<<  <  ج: ص:  >  >>