للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قليل الألايا حافظ ليمينه ... إذا بدرت منه الألية برّت

والتأويل الأول أقرب إلى ظاهر الآية؛ لأن الإنسان لا يؤمر بحفظ شيء معدوم، لا يقال لمن لا مال له: احفظ مالك.

وقوله تعالى: {كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (٨٩)؛ أي هكذا يبيّن الله لكم أمره ونهيه كما بيّن كفارة اليمين؛ لكي تشكروا إنعامه وبيانه.

قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ؛} الميسر: هو القمار كلّه. والأنصاب: هي الأحجار؛ كانوا ينصبونها ويعبدونها. والأزلام: هي الأزلام التي كانوا يخيلونها عند المعزم على المسير.

نهى الله عن هذه الأشياء، وحرّمها بأبلغ أسباب التحريم؛ لأنه تعالى سمّاها كلها رجسا، والرّجس: هو الشيء المستقذر النّجس، الذي يرتفع «في القبح» (١)،ذكره بالفتح؛ يقال: رجس الرّجل يرجس، ورجس يرجس. والرّجس بفتح الراء: شدّة الصوت، ورعد رجّاس إذا كان شديد الصوت. وسميت هذه المعاصي رجسا؛ لوجوب اجتنابها كما يجب اجتناب الشيء المستقذر.

قوله عزّ وجلّ: {مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ؛} أي من تزيينه؛ لأنه هو الداعي إليه والمرغّب فيه والمرنّن له في قلوب فاعليه. وقوله تعالى: {فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (٩٠)؛أمر باجتنابه وهو تركه باطنا، وظاهر الأمر على الوجوب.

وروي عن عثمان بن عفّان رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إنّ الله تعالى لا يجمع الخمر والإيمان في قلب مؤمن أبدا] (٢).وقال صلى الله عليه وسلم: [مدمن الخمر كعابد الوثن، ومن شرب الخمر في الدّنيا ولم يتب منها، حرمها في الآخرة] (٣).


(١) ما بين «» سقط من المخطوط. في تهذيب اللغة: ج ١٠ ص ٣٠٧؛ قال الأزهري: (والرّجز بفتح الراء: شدّة الصوت، فكأنّ الرّجس: العمل الذي يقبح ذكره ويرتفع في القبح).
(٢) أخرجه ابن حبان في موارد الضمآن: الحديث (١٣٧٥).وفي الإحسان: كتاب الأشربة: الحديث (٥٣٤٨) بإسناد ضعيف عن عثمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال الشيخ شعيب: «إسناده ضعيف والصواب وقفه كما قال الدارقطني».
(٣) أخرج شطره الأول ابن أبي شيبة في المصنف: كتاب الأشربة: في الخمر وما جاء فيها: الحديث-

<<  <  ج: ص:  >  >>