للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ودخول {(لا)} في قوله: {(وَلا السَّيِّئَةُ)} زائدة للتأكيد وبعد المساواة (١)؛لأن المعنى:

لا تستوي الحسنة والسيئة، ومثله قول الشاعر:

ما كان يرضى رسول الله فعل‍ ... هم والطّيّبان أبو بكر وعمر

وقوله تعالى: {اِدْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ؛} أي ادفع السّفاهة والعجلة بالأناة وبالرّفق، وذلك أنه إن لقيت بعض من يضمر في نفسه عداوتك فتبدأه بالسّلام أو تبتسم في وجهه لأن ذلك يلين لك قلبه، ويسلم لك صدره فذلك قوله تعالى:

{فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} (٣٤)؛أي إذا فعلت ذلك صار الذي يعاديك صديقا قريبا لك. وتسمّي العرب القريب حميما؛ لأنه يحمي لما يهم صاحبه.

قوله تعالى: {وَما يُلَقّاها إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا؛} أي ما يلقى هذه الخصلة التي هي دفع السّيئة بالحسنة إلاّ الذين صبروا على كظم الغيظ واحتمال المكروه وصبروا على طاعة الله، وصبروا عن معصيته، {وَما يُلَقّاها،} أي وما يعطاها، {إِلاّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (٣٥)؛من الخير. وقيل: من الصبر، وقيل: الحظّ العظيم الجنّة، أي ما يلقّاها إلاّ من وجبت له الجنّة. وقيل: الحظّ العظيم القدر، العظيم عند الله.

قوله تعالى: {وَإِمّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ؛} أي وإمّا يلحقنّك من الشيطان وسوسة عند هفوة غيرك وعند ما يدعو بك إلى معصية الله فتصرفك الوسوسة عن الاحتمال، {فَاسْتَعِذْ بِاللهِ؛} أي اعتصم بالله من شرّ الشّيطان، امض على حكمك، {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ؛} لمقالة أعدائك، {الْعَلِيمُ} (٣٦)؛بهم وبمجاراتهم.

ثم ذكر الله علامات توحيده ودلائل قدرته؛ فقال: {وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ؛} أي ومن آياته الدّالة على ربوبيّته ووحدانيّته الليل والنهار بما فيهما من المنافع والمقاصد، والشمس والقمر بما فيهما من البدائع، {لا}


(١) ينظر: معاني القرآن للأخفش: ج ٢ ص ٦٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>