للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في الآخرة، لا نفارقكم حتى تدخلوا الجنة، {(وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ)} من الكرامات واللّذات، يعني ولكم في الآخرة ما تشتهي أنفسكم،

{وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ (٣١) نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} (٣٢)؛أي أنزلهم الله نزلا، ولا يجوز أن يكون قوله {(نُزُلاً)} جمع نازلة، ويكون المعنى: ولكم ما تدّعون من غفور رحيم نازلين.

ويجوز أن يراد به القوت الذي يقام للنازل والضّيف، والمعنى: ثبت لهم ما يدّعون {(نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ)} أي كثير المغفرة، رحيم بمن كان على الإيمان والتوبة.

وعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: لمّا نزلت هذه الآية {(إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا)} قال: [أمّتي ورب الكعبة] (١)،لأنّ اليهود قالوا ربّنا الله ثم لم يستقيموا إذ قالوا: عزير ابن الله! والنصارى قالوا: ربنا الله، ثم لم يستقيموا إذ قالوا: المسيح ابن الله!

قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صالِحاً؛} قال ابن عبّاس رضي الله عنهما: (أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دعا إلى شهادة أن لا إله إلاّ الله)،وقال الحسن: (هو المؤمن أجاب الله دعوته ودعوة النّاس إلى ما أجاب الله فيه دعوته وعمل صالحا في إجابته) (٢) {وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (٣٣)؛وقالت عائشة رضي الله عنها: (إنّ هذه الآية نزلت في المؤذّنين الّذين يدعون إلى الصّلاة ويصلّون بين الأذان والإقامة) (٣).

قوله تعالى: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ؛} ولا تستوي كلمة التّوحيد وكلمة الشّرك، وقيل: هما الطاعة والمعصية، ويقال: الخصلة الحميدة والخصلة السيّئة.

وقيل: الحلم والجهل، والعفو والإساءة.


(١) ذكره الثعلبي في الكشف والبيان: ج ٨ ص ٢٩٤؛ قال: (روى ثابت عن أنس) وذكره. ونقله القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٥ ص ٣٥٨،ولم أقف عليه.
(٢) نقلهما البغوي في معالم التنزيل: ص ١١٥١.وأخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٣٥٦٩).
(٣) نقله البغوي في معالم التنزيل: ص ١١٥١.وفي الدر المنثور: ج ٧ ص ٣٢٥؛ قال السيوطي: (أخرجه عبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن مردويه).

<<  <  ج: ص:  >  >>