للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ؛} وذلك أنّ أيوب كان حلف في مرضه أن يجلد امرأته مائة جلدة، وكان ذلك لشيء كرهه منها على ما تقدّم، فجعل الله تحلّة يمينه أن يأخذ حزمة واحدة فيها مائة قضيب فيضربها به.

والضّغث: هو ملء الكفّ من الشجرة والحشيش والشّماريخ.

وقوله تعالى: {(وَلا تَحْنَثْ)} أي لا تدع الضّرب فتحنث، وفي هذا دليل على جواز الاحتيال بمثل هذه الحيلة في اليمين على الضّرب، فأما في الحدود فلا يجوز الاحتيال بمثل هذا؛ لأنّ الله تعالى قال: {وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ} (١) وهذا نهي عن التخفيف عن من وجب عليه الحدّ.

قوله تعالى: {إِنّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوّابٌ} (٤٤)؛أي إنّه صبر على البلاء الذي ابتلي به. فإن قيل: كيف صبر وهو يقول مسّني الضّرّ؟ قيل:

إنه لم يشك إلى مخلوق وإنما شكا إلى الله عزّ وجلّ حين ألحّ عليه الشيطان بالوسوسة، وخاف على نفسه أن لا يقوم بطاعة الله تعالى، فدعا الله بعد أن أذن له في الدّعاء.

والأوّاب: هو المقبل على طاعة الله تعالى الرّاجع إليه.

قوله تعالى: {وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ} معناه: اذكر يا محمّد لقومك وأمّتك حديث هؤلاء الأنبياء؛ ليقتدوا بهم في حسن إقبالهم؛ فيستحقّوا بذلك جميل الثّناء وجزيل الثّواب. وقال مقاتل: (معناه: واذكر يا محمّد صبر عبادنا إبراهيم حين ألقي في النّار، وصبر اسحاق على الذبح، وصبر يعقوب حين ذهب بصره، ولم يذكر اسماعيل لأنّه لم يقبل بشيء) (٢).

قوله: {أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ} (٤٥)؛معناه: أولي القوّة في طاعة الله والأبصار في معرفة الله. قال قتادة: (أعطوا قوّة في العبادة، وبصر في الدّين) (٣).

ويقال: إنّ الأيدي جمع اليد وهي الصّنيعة؛ أي وهم ذوو الصّنائع الجميلة في طاعة الله تعالى.


(١) النور ٢/.
(٢) قاله مقاتل في التفسير: ج ٣ ص ١٢١.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٣٠٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>