للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقرأ الحسن: «(الأيد)» بغير الياء وهو عبارة عن القوّة (١).ويجوز أن يكون المراد به، فخذف الياء كما نحذف الدّاعي والهادي.

قوله تعالى: {إِنّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدّارِ} (٤٦)؛معناه: إنا آثرناهم بخصلة خالصة وهي ذكرى الدار الآخرة. وقال مجاهد: (إنّهم كانوا يكثرون ذكر الآخرة لم يكن لهم همّ غيرها) (٢).وقال السديّ: (أخلصوا بذكر الآخرة؛ أي بخوف الآخرة) (٣)

{وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ} (٤٧)؛الأصفياء هو إخراج الصّفوة من كلّ شيء، فهم صفوة وغيرهم كدر.

قوله تعالى: {وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ؛} أي اذكرهم بصبرهم وفضلهم لتسلك طريقهم، {وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ} (٤٨).واليسع نبيّ من الأنبياء، قال الكلبيّ: (هو ابن عمّ الياس).وأمّا ذي الكفل وهو نبيّ أيضا كفل مائة نبيّ عليهم السّلام يطعمهم ويسقيهم. وقيل: إنه كان يعمل في العبادة عمل رجلين فسمّي ذا الكفل، والكفل الضّعف كما في قوله تعالى: {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ} (٤).

وقوله تعالى: {هذا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ} (٤٩)؛أي هذا القرآن عظة وشرف للناس، وقيل: هو ذكر في الدّنيا لهؤلاء الأنبياء يذكرون به أبدا، وإنّ لهم مع ذلك لحسن مرجع في الآخرة، فسّر حسن المرجع فقال:

{جَنّاتِ عَدْنٍ؛} أي بساتين إقامة، {مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ} (٥٠)؛وانتصب على الحال، وذلك أنّهم اذا انتهوا إليها وجدوها مفتّحة الأبواب لا يحبسون على الباب ليفتح لهم عند الورود. ويقال: إنّ أبوابها تفتح من غير فتح ولا مفتاح، والمفتّحة أبلغ من اللفظ من المفتوحة، والألف واللام في قوله {(الْأَبْوابُ)} عوض عن الإضافة؛ تقديره:

مفتّحة لهم أبوابها كما في قوله تعالى {فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى} (٥).


(١) في معاني القرآن للفراء: ج ٢ ص ٤٠٦: (أنها قراءة عبد الله).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٣٠٤٧).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٣٠٤٨).
(٤) الحديد ٢٨/.
(٥) النازعات ٤١/.

<<  <  ج: ص:  >  >>