للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى؛} أي وإنّ مع ما خصّ به في الدّنيا في الملك والبسطة والنبوّة والرسالة لقربه عندنا، {وَحُسْنَ مَآبٍ} (٤٠)،في الآخرة ونصيبا وافرا من ثوابنا في الجنّة، فجمع له ملك الدّنيا وملك الآخرة.

وروي أن مدة ملك سليمان قبل الفتنة عشرين سنة، وملك بعد الفتنة عشرين سنة، وملك يوم ملك وهو ابن ثلاث عشر سنة، ومات وله ثلاث وخمسون سنة، ومدّة ملكه أربعون سنة.

قوله تعالى: {وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ} (٤١)؛معناه: واذكر يا محمّد عبدنا أيّوب إذ نادى ربّه في البلاء فقال: يا رب إنّي أصابني الشيطان بنصب؛ أي بتعب في بدني وعذاب في أهلي ومالي. والنّصب والنّصب بمعنى واحد، مثل الرّشد والرّشد والحزن والحزن.

قرأ أبو جعفر «(بنصب)» بضمّتين، وقرأ يعقوب «(بنصب)» بفتح النون والصاد، وقرأ هبيرة عن حفص وعاصم «(بنصب)» بفتح النون وجزم الصاد، وقرأ الباقون ب‍ «(النّصب)» بضمّ النون وسكون الصاد، وكلّ ذلك لغات فيه (١).

قال قتادة: (معنى قوله {(بِنُصْبٍ وَعَذابٍ)} النّصب الضّرّ في الجسد، والعذاب في المال) (٢).قال السديّ: (النّصب أنصب الجسد، والعذاب أهلك المال) (٣).

ثم فرّج الله عنه، واختلفوا في سبب بلاء أيّوب، قال الحسن رضي الله عنه: (إنّ ابليس قال: يا رب هل من عبيدك من إن سلّطتني عليه يمتنع عليّ؟ قال: نعم؛ عبدي أيّوب، فجعل يأتيه الشيطان بوساوسه وحبائله فلا يقدر منه على شيء. قال: يا رب إنه قد امتنع عليّ فسلّطني على ماله، فجعل يأتيه فيقول: يا أيوب هلك من مالك كذا وكذا، فيقول أيوب: اللهمّ أنت قد أعطيتنيه وأنت قد أخذته، اللهمّ لك الحمد على ما منعت، ولك الحمد على ما أبقيت، فمكث كذلك حتى هلك ماله كلّه.


(١) ينظر: الحجة للقراء السبعة: ج ٣ ص ٣٢٥ - ٣٢٦.وإعراب القرآن للنحاس: ج ٣ ص ٣١٢.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٣٠١٩).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٣٠٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>