قوله تعالى:{وَقالَ فِرْعَوْنُ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي؛} أي قال فرعون لخواصّ قومه: {(ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي)} وهذه إحدى كلمتيه اللّتين أخذه الله بهما، والأخرى قوله {(أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى)}.
وقوله تعالى:{فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ؛} أي اتّخذ لي آجرّا، {فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً؛} أي قصرا طويلا متّسعا مرتفعا، {لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى؛} أي أصعد إليه، ظنّ بجهله أنه يتهيأ له أن يبلغ بصرحه إلى السّماء، وظنّ أن إله موسى جسما مشاهدا كما تقول المشبهة، تعالى الله عن ذلك.
قال المفسّرون: لمّا أمر فرعون وزيره هامان ببناء الصّرح، جمع خمسين ألف بنّاء سوى الاتباع والأجراء ممن يطبخ الآجرّ والجصّ، وينحت الخشب والأبواب، ويضرب المسامير. قوله تعالى:{وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكاذِبِينَ}(٣٨)؛أي في ادّعاء (إلها غيري) وأنه رسوله، وهذا اعتراف من فرعون بالشّك لأنه شاكّ لا يدري من في السّماء، ولو كان إلها لم يجهل ولم يشكّ، والمبطل تظهر عليه المناقضة.
قوله تعالى:{وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ؛} تعظّموا عن الإيمان ولم ينقادوا للحقّ، وقوله تعالى {(فِي الْأَرْضِ)} أي في أرض مصر {(بِغَيْرِ الْحَقِّ)} أي بالباطل والظّلم، {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنا لا يُرْجَعُونَ}(٣٩)؛أي يردّون إلينا بالبعث للحساب والجزاء.
قوله تعالى:{فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ؛} أي طرحناهم في البحر. قال عطاء:(يريد البحر المالح بحر القلزم){فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظّالِمِينَ}(٤٠)؛حين صاروا إلى الهلاك.
قوله تعالى:{وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النّارِ؛} أي جعلناهم في الدّنيا أئمّة ضلالة وقادة في الكفر والشّرك، يقودون الناس إلى الشّرك، وهو قوله تعالى: {(يَدْعُونَ إِلَى النّارِ)} لأن من أطاعهم ضلّ ودخل النار، {وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ}(٤١)؛أي لا يدفع عنهم عذاب الله،