للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويرى قيامك وركوعك وسجودك وتضرّعك في المصلّين مع الجماعة. والمعنى: أنه يراك إذا صلّيت وحدك، ويراك إذا صلّيت في الجماعة راكعا وساجدا وقائما،

{إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (٢٢٠)؛أي السّميع لقولك، العليم بما في قلبك.

قوله تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ} (٢٢١)؛أي قل يا محمّد لأهل مكّة: هل أخبركم على من تنزّل الشّياطين؟ وهو راجع إلى قوله تعالى {وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ}. ثم أخبر فقال:

{تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفّاكٍ أَثِيمٍ} (٢٢٢)؛ أي على كلّ كذاب فاجر. قال قتادة: (هم الكهنة) (١) مثل مسيلمة وغيرهم.

قوله تعالى: {يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ} (٢٢٣)؛معناه: أنّ الشياطين يسترقون السّمع من كلام الملائكة، ثم يضيفون الكذب إلى ذلك، فيلقونه إلى الكهنة، وقوله تعالى {(وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ)} يعني لأنّهم يخلطون كذبا كثيرا، وهذا كان قبل الوحي إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وبعد ذلك فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا.

قوله تعالى: {وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ} (٢٢٤)؛قال ابن عبّاس:

(يريد شعر المشركين) (٢).وذكر مقاتل أسماءهم فقال: (منهم عبد الله بن الزّبعرى السّهميّ، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطّلب، وهبيرة بن وهب المخزوميّ، وشافع بن عبد مناف الجمحيّ، وأبو عزّة عمرو بن عبد الله، كلّهم من قريش، وأميّة ابن الصّلت الثّقفيّ، تكلّموا بالكذب والباطل، وقالوا: نحن نقول مثل ما يقول محمّد! واجتمع إليهم غواة من قومهم يستمعون أشعارهم، ويروون عنهم حتّى يهجون النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه) (٣).فذلك قوله تعالى: {(يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ)} يعني الذين يروون هجاء المسلمين وسبّ الصّحابة.

وقال قتادة ومجاهد: (الغاوون هم الشّياطين) كما قال تعالى حاكيا عنهم {فَأَغْوَيْناكُمْ إِنّا كُنّا غاوِينَ} (٤).وقيل: الغاوون كفّار الجنّ والإنس. وفي الحديث:


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٠٣٩٢).وابن أبي حاتم في التفسير: الأثر (١٦٠٤١).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٠٤٠٢).وابن أبي حاتم في التفسير: الأثر (١٦٠٤٨).
(٣) قاله مقاتل في التفسير: ج ٢ ص ٤٦٧.
(٤) الصافات ٣٢/.

<<  <  ج: ص:  >  >>