للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بنت محمّد؛ لا أغني عنك من الله شيئا] (١).

وعن ابن عبّاس قال: (لمّا نزل

قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (٢١٤)؛صعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على الصّفا فقال: [يا صباحاه!] فاجتمعت إليه قريش؛ فقالوا: ما لك؟! قال: [أرأيتم إن أخبرتكم أنّ العدوّ مصبحكم أو ممسّيكم؛ أما كنتم تصدّقونني؟] قالوا: بلى، قال: [فإنّي نذير لكم بين يدي عذاب شديد].

قال أبو لهب: تبّا لك! ألهذا دعوتنا جميعا؟ فأنزل الله تعالى {تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ} إلى آخرها) (٢).ومعنى الآية: عرّف قرابتك يا محمّد أنّك لا تغني عنهم من الله شيئا إن عصوه. والفائدة في تخصيص الأقربين بالإنذار: أنّهم كانوا أقرب إليه، كما قال تعالى {قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفّارِ} (٣) وكما أنّ الأولى بالإنسان في البرّ والصّلة أن يبدأ بالأقرب فالأقرب.

قوله تعالى: {وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (٢١٥)؛ أي أكرم من اتّبعك من المؤمنين وألن لهم القول، وأظهر لهم المحبّة والكرامة.

قوله تعالى: {فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمّا تَعْمَلُونَ} (٢١٦)؛أي إن عصاك الأقربون من عشيرتك؛ فقل: إنّي بريء ممّا تعملون من الكفر وعبادة غير الله،

{وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ} (٢١٧)؛أي فوّض أمرك إليه، وثق به فإنه العزيز في نعمته، الرّحيم بهم حين لم يعجّل لهم العقوبة.

قوله تعالى: {الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ (٢١٨) وَتَقَلُّبَكَ فِي السّاجِدِينَ} (٢١٩) أي توكّل على العزيز؛ أي الغالب القادر على أن يكفيك كيد أعدائك، الرّحيم بالمؤمنين خاصّة، فكيف لا تفوّض أمرك إليه وهو الذي يراك حين تقوم إلى الصّلاة،


(١) رواه البخاري في الصحيح: كتاب الوصايا: الحديث (٢٧٥٣).ومسلم في الصحيح: كتاب الإيمان: الحديث (٢٠٦/ ٣٥١).
(٢) رواه البخاري في الصحيح: كتاب التفسير: الحديث (٤٩٧١).ومسلم في الصحيح: كتاب الإيمان: الحديث (٢٠٨/ ٣٥٥).
(٣) التوبة ١٢٣/.

<<  <  ج: ص:  >  >>