للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[لئن ملئ جوف أحدكم صديدا حتّى يصير جاريا أحبّ إليّ أن يمتلئ شعرا] (١) وأراد به الشّعر المذموم.

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ} (٢٢٥)؛أي في كلّ فنّ من الكذب يتكلّمون، وفي كلّ لغو يخوضون، يمدحون بباطل ويستمعون لباطل، فالوادي مثل لفنون الكلام، وهيمانهم فيه: قولهم على الجميل بما يقولون من لغو وباطل وغلوّ في مدح أو ذمّ.

وقوله تعالى: {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ} (٢٢٦)؛أي يقولون فعلنا وفعلنا وهم كذبة، ويصفون أنفسهم بما ليس فيها.

قوله تعالى: {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ؛} استثناء الشّعراء المسلمين حسّان بن ثابت، وعبد الله بن رواحة، وكعب بن مالك الذين مدحوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، كان يقول لحسّان: [أهجهم ومعك روح القدس] (٢).قوله تعالى:

{وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا؛} يعني أنّهم كانوا يذكرون الله كثيرا في أشعارهم، ويناضلون عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بألسنتهم وأيديهم من بعد هجائهم الكفار. والانتصار بالشّعر جائز في الشّريعة بما يجوز ذكره فيها، لما قال تعالى في آية أخرى {لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاّ مَنْ ظُلِمَ} (٣).

ويروى: أنّ كعب بن مالك قال: يا رسول الله؛ ما تقول في الشّعر، فقال: [إنّ المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه، والّذي نفسي بيده؛ لكأنّما ينضحونهم بالنّبل] (٤).وقال صلّى الله عليه وسلّم: [إنّ من الشّعر لحكمة] (٥).


(١) أخرجه مسلم في الصحيح: كتاب الشعر: الحديث (٢٢٥٩/ ٩).
(٢) أخرجه الإمام أحمد في المسند: ج ٦ ص ٧٢.والترمذي في الجامع: أبواب الآداب: الحديث (٢٨٤٦).وأبو داود في السنن: كتاب الآداب: الحديث (٥٠١٥).
(٣) النساء ١٤٨/.
(٤) ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد: ج ٨ ص ١٢٣ بلفظ قريب، وقال: (رواه أحمد بأسانيد، ورجال أحدهما رجال الصحيح).
(٥) رواه البخاري في الصحيح: كتاب الآداب: الحديث (٦١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>