{قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ؛} مع ما أعطيتكم من الأموال، {إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ}(٤٢)؛في المرتبة والمنزلة وللدخول عليّ.
قوله تعالى:{قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ}(٤٣)؛أي اطرحوا من أيديكم ما تريدون طرحه من الحبال والعصيّ، وهذا أمر تهديد لا أمر تحقيق،
{فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ؛} أي بمنعته، {إِنّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ}(٤٤)؛لموسى، فامتلأ الوادي حيّات، فهابه ذلك، فقيل لموسى: ألق عصاك،
{فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ}(٤٥)؛فألقاها فصارت حيّة عظيمة تلقف ما صنعوا من السّحر، ثم أخذها موسى فعادت عصا كما كانت، ولو لم يوجد لما تلقفه أثر.
قوله تعالى:{فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ}(٤٦)؛فسجدت السّحرة عند ذلك لله تعالى لما علموا أن ذلك ليس بسحر، وإنّما هو من عند الله،
و {قالُوا آمَنّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ}(٤٧)؛قال لهم فرعون: إيّاي تعنون؟
قالوا: {رَبِّ مُوسى وَهارُونَ (٤٨) قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ؛} أي صدّقتم به قبل أن آمركم بذلك، {إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ}(٤٩)،وكان فرعون أوّل من قطع وصلب. قال ابن عبّاس:(إنّهم من سرعة سجودهم لله كأنّهم ألقوا).
قوله تعالى:{قالُوا لا ضَيْرَ إِنّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ}(٥٠)؛أي قالت السّحرة: لا يضرّنا ما تصنع بنا في الدّنيا في جنب ثواب الله في الآخرة، إنّا إذا رجعنا إلى ربنا مؤمنين لنأخذ حقّنا من الظالم،
{إِنّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا؛} شركنا أي يتجاوز تأخّرنا، {أَنْ كُنّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ}(٥١)؛أي بأن كنّا أوّل المؤمنين لموسى من أهل الجمع اليوم، فكانوا سحرة في أوّل النهار شهداء في آخره.