للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{إِنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِينَ} (٣١).

{فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ} (٣٢) أي حيّة صفراء، ذكر عظيم أعظم ما يكون من الحيّات، قال فرعون: فهل غير هذه؟!

{وَنَزَعَ يَدَهُ؛} من جيبه، {فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ؛} بياضا نوريّا لها شعاع الشّمس، {لِلنّاظِرِينَ} (٣٣).

فإن قيل: كيف سمّى العصا ثعبانا في هذه الآية، وسماها جانا في آية أخرى حيث قال {كَأَنَّها جَانٌّ} (١) والجانّ الخفيفة؟ قلنا: إنّما سمّاها ثعبانا لعظم حسّها، وسمّاها جانّا لسرعة مشيته وحركته، وفي ذلك ما يدلّ على عظم الآية.

فلم يكن لفرعون دفع لما شاهد إلاّ أن (٢) قال: هذا «سحر» سحرتموه، فأوهم أصحابه أنه لا صحّة له، وذلك

قوله تعالى: {قالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ} (٣٤)؛قال ابن عبّاس: (وكان الملأ حوله خمسمائة من أشراف قومه، عليهم الأسورة) فقال لهم: إنّ هذا لساحر حاذق بالسّحر،

{يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ؛} يلقي الفرقة والعداوة بينكم فيخرجكم من بلادكم، {بِسِحْرِهِ فَماذا تَأْمُرُونَ} (٣٥)؛أي ماذا تشيرون عليّ في أمره، ولو تفكّر هؤلاء الجهّال في قوله ذلك لعلموا أنه ليس بإله لافتقاره إلى رأيهم، ولكنّهم لفرط جهلهم موّه عليهم.

قوله تعالى: {قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ (٣٦) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحّارٍ عَلِيمٍ} (٣٧)؛أي قال له الملأ: أخّر أمره وأمر أخيه لا يناظرهما إلى أن يبعث إلى المدائن الشّرط يحشرون السّحرة، ليصنع السّحرة مثل ما صنع موسى، ولا يثبت له عليك حجّة.

قوله تعالى: {فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} (٣٨)؛أي لميعاد يوم زينتهم وهو يوم عيدهم،

{وَقِيلَ لِلنّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ} (٣٩)؛اجتمعوا لتنظروا إلى السّحرة،

{لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ؛} أي نتّبع دينهم، {إِنْ كانُوا هُمُ}


(١) القصص ٣١/.
(٢) في المخطوط: (الآن).

<<  <  ج: ص:  >  >>