قوله تعالى:{*وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي؛} أي ببني إسرائيل ليلا، {إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ}(٥٢)،وأخبرهم أنّ فرعون وقومه يتّبعونهم وينجيهم الله من ضررهم، فأسرى بهم موسى ليلا إلى البحر،
{فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ}(٥٣)؛يحشرون النّاس ويجمعون له الناس الجيش، ثم قال فرعون لقومه:
{إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ}(٥٤)؛يعني موسى وأصحابه، والشّر ذمة:
الفئة القليلة، والشّر ذمة في كلام العرب: القليل من كلّ شيء من الناس والأموال.
روي أنّ هؤلاء الذين اشغلهم فرعون يومئذ ستّمائة ألف وسبعون ألفا، وكان هامان على مقدّمة فرعون ومعه ألفا ألف، وفرعون في أكثر من خمسة عشر ألف ألف.
قوله تعالى:{وَإِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ}(٥٥)؛أي لفاعلون ما يغيظنا لإظهارهم خلاف ديننا، وأخذهم حبلنا وقتلهم أبكارنا. وذلك أنّ الله تعالى أوحى إلى موسى أن اجمع أولاد بني إسرائيل كلّ أهل أربعة أبيات في بيت، ثم اذبحوا الأولاد واضربوا بدمائها على أبوابكم، فإنّي سآمر الملائكة لا يدخلون بيتا على بابه دم، وسآمرهم بقتل أبكار آل فرعون، ثم أسر بعبادي، ففعل ذلك، فلمّا أصبحوا، قال فرعون: هذا عمل موسى وقومه، قتلوا أبكارنا وأخذوا أموالنا، فأخذ في طلبهم.
قوله تعالى:{وَإِنّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ}(٥٦)؛قرأ الكوفيّون وابن عامر {(حاذِرُونَ)} بالألف؛ أي شاكّون في السّلاح، ذوو أداة وقوّة وكراع، وبنوا اسرائيل لا سلاح لهم.
وقرأ الباقون «(حذرون)» أي مسقطون خائفون شرّهم (١).
{وَكُنُوزٍ؛} أي وخزائن مدّخرة من الذهب والفضّة، {وَمَقامٍ كَرِيمٍ}(٥٨)؛أي مجالس رفيعة من مجالس الملوك والرؤساء،
(١) في معاني القرآن وإعرابه: ج ٤ ص ٧١؛قال الزجاج: (وجاء في التفسير أن معنى حاذِرُونَ: مؤدون، أي ذوو أداة، أي ذوو سلاح، والسلاح أداة الحرب، فالحاذر المستعدّ. والحذر المتيقّظ). وينظر: الحجة للقراء السبعة: ج ٣ ص ٢٢١.