للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الوزن) (١).وقرأ الباقون بضمّ الدال وتشديد الياء من غير همز، فنسبوه إلى الدّرّ في صفائه وبهائه.

قوله تعالى: {يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ؛} فيه أربع قراءات، قرأ نافع وابن عامر: بياء مضمومة يعنون المصباح، وقرأ حمزة والكسائي وخلف: بتاء مضمومة يعنون الزّجاجة، وقرأ أبو عمرو: «(توقّد)» بالتاء وفتحها وفتح الواو مشدّدة بمعنى الماضي، وقرأ ابن محيصن: بتاء مفتوحة وتشديد القاف مثل قراءة أبي عمرو إلاّ أنه رفع الدال بمعنى الفعل المستقبل بمعنى: تتوقّد الزجاجة (٢).

قوله تعالى: {(مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ)} أي من زيت شجرة مباركة، فحذف المضاف؛ وأراد بالشّجرة المباركة شجرة الزّيتون، بورك لأهلها فيها، وليس في الشّجر شيء يورق غصنه من أوّله إلى آخره مثل الزّيتون والرّمان.

قوله تعالى: {لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ؛} أي ليست تشرق عليها الشمس فقط من دون أن تغرب عليها، ولا غربيّة تغرب عليها فقط من دون أن تشرق عليها، بل هي شرقية غربية تأخذ حظّها من الأمرين جميعا، لا يظلّها جبل ولا شجر ولا كهف، نحو أن تكون على تلّ من الأرض تقع عليها الشمس في جميع النّهار، وإذا كانت على هذه الصّفة كان أنضر لها وأجود لزيتها وأتمّ لنبلتها وأنضج لثمرها. وقال الحسن: (أراد بهذا شجرة في الجنّة؛ لأنّ أشجار الأرض لا تخلو إمّا أن تكون شرقيّة أو غربيّة) (٣).

وسمّيت شجرة الزّيتون مباركة؛ لأنّها كثيرة البركة والمنافع؛ لأن الزيت يسرج به وهو إدام ودهان، ويوقد بحطبها ويدبغ بها ويغسل برمادها الإبريسم. وعن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: [ائتدموا بالزّيت وادهنوا به، فإنّه يخرج من شجرة مباركة] (٤).


(١) ينظر: معاني القرآن للفراء: ج ٢ ص ٢٥٢.ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج: ج ٤ ص ٣٥.
(٢) إعراب القرآن للنحاس: ج ٣ ص ٩٦.والحجة للقراء السبعة: ج ٣ ص ٢٠١.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (١٩٧٨٧).
(٤) رواه الترمذي في الجامع: أبواب الأطعمة: الحديث (١٨٥١).وابن ماجة في السنن: كتاب الأطعمة: الحديث (٣٣١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>