للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ؛} أي يكاد زيت هذه الشّجرة ودهنها يتلألأ أو يشرق من وراء العصر من صفائه وإن لم تصبه نار؛ أي وإن لم يوقد بها، فكيف إذا استصبح بها.

قال المفسّرون: هذا مثل للمؤمنين، فالمشكاة والمصباح هو الإيمان والقرآن، والزجاجة صدر المؤمن. ومعنى قوله تعالى {(يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ)} أي يكاد قلب المؤمن يعمل بالهدى وقبل أن يأتيه العلم، فإذا جاء العلم ازداد هدى على هدى. وقيل: المشكاة نفسه، والزجاجة صدره، والمصباح القرآن والإيمان في قلبه توقد من شجرة مباركة وهو الإخلاص.

قوله تعالى: {نُورٌ عَلى نُورٍ؛} يريد به نور السّراج ونور الزّجاج ونور الدهن ونور الكوكب، فكما أن الزيت والزجاج والكوكب والسراج نور على نور في مشكاة لا يتفرّق بشعاع السّراج فيها، فكذلك الإيمان في قلب المؤمن من نور على نور، فإن المعرفة نور وعلمه نور، إذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا قال صدق، وإذا حكم عدل، فهو يتقلّب في الأنوار، ومصيره يوم القيامة إلى النور، كما قال تعالى {يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ} (١).

وقيل: هذا مثل ضربه الله لنبيّه محمّد صلّى الله عليه وسلّم: المشكاة صدره، والزجاجة قلبه، والمصباح فيه النبوّة، توقد من شجرة مباركة وهي شجرة النبوّة، يكاد نور محمّد صلّى الله عليه وسلّم يضيء؛ أي يبين للناس ولو لم يتكلّم به، كما يكاد ذلك الزيت يضيء ولو لم تمسسه نار.

وقال ابن عمر في هذه الآية: (المشكاة: جوف محمّد صلّى الله عليه وسلّم، والزّجاجة: قلبه، والمصباح: النّور الّذي جعله الله فيه، (توقد من شجرة مباركة) يعني بالشّجرة إبراهيم الخليل عليه السّلام، {(لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ)} أي لا يهوديّ ولا نصرانيّ (٢)، {(نُورٌ عَلى}


(١) الحديد ١٢/.
(٢) في أصل المخطوط تقديم وتأخير في عبارة النص، وضبطت على أصوله في المعجم الأوسط، وتخريج الهيثمي في مجمع الزوائد.

<<  <  ج: ص:  >  >>