للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ؛} المشكاة في لغة الحبشة: كوّة غير نافذة، والمصباح: هو السّراج في القنديل من الزّجاج الصّافية. وقيل: المشكاة: عمود القنديل الذي فيه الفتيلة. وقال مجاهد: (هي القنديل) (١)،قال الزجّاج: (النّور في الزّجاج، وضوء النّار أبين منه في كلّ شيء، وضوؤه يزيد في الزّجاج ويتضاعف حتّى يظهر منه ما يقابله مثله) (٢).

قوله تعالى: {(فِيها مِصْباحٌ)} أي سراج، وأصله من الضّوء، ومن ذلك الصّبح، ورجل صبيح الوجه إذا كان وضيئا، وفرّق قوم بين المصباح والسّراج؛ فقالوا: المصباح دون السّراج، والسراج أعظم من المصباح؛ لأن الله تعالى سمّى الشمس سراجا، وقال في غيرها من الكواكب {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ} (٣).

ثم وصف الله الزجاجة التي فيها المصباح؛ فقال: {الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ؛} شبّه القنديل الذي يكون فيه السّراج بالكوكب الدّرّيّ؛ وهو النجم المضيء، ودراري النّجوم كبارها، وقوله (درّيّ) نسبة إلى أنه كالدّرّ في صفائه وحسنه، كأنّ الكواكب درّة بيضاء.

قرأ أبو عمرو والكسائيّ: «(درّئّ)» بكسر الدال مهموز ممدود؛ وهو فعّيل من الدّرء بمعنى الدّفع، يقال: درء يدرأ إذا دفع، فكأنه تلألؤ يدفع أبصار الناظرين إليه.

ويقال: كأنه رجم به الشياطين فدرأهم؛ أي دفعهم بسرعة في الانقضاض، وذلك أضوأ ما يكون.

وقرأ حمزة وأبو بكر: مضمومة الدال مهموز ممدود، قال أكثر النّحاة: هو لحن؛ لأنه ليس في كلام العرب، فقيل بضمّ الفاء وكسر العين، وأنكره الفرّاء والزجّاج وأبو العباس، وقال: (هذا غلط؛ لأنّه ليس في كلام العرب شيء على هذا


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (١٩٧٧٩).
(٢) ينظر: معاني القرآن وإعرابه للزجاج: ج ٤ ص ٣٥.
(٣) الملك ٥/.

<<  <  ج: ص:  >  >>