للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ)} أي ظنّ أن لن نقضي عليه بما قضينا من العقوبة، ودليله قراءة الزهريّ: «(أن لن نقدّر عليه)» مشدّدا. وقرأ عبيد بن عمير: «(يقدّر عليه)» بالتشديد على المجهول.

واختلفوا في مدّة لبثه في بطن الحوت، فقيل: أربعون يوما، وقيل: سبعة أيّام، وقيل: ثلاثة أيّام، وأمسك الله نفسه فلم يقتله هناك. وروى أبو هريرة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: [لمّا أراد الله حبس يونس في بطن الحوت أوحى الله إلى الحوت: أن خذه ولا تخدش له لحما ولا تكسر له عظما. فأخذه ثمّ هوى به إلى مسكنه في البحر، فلمّا انتهى به إلى أسفل البحر سمع يونس حسّا، فقال في نفسه: ما هذا؟ فأوحى الله إليه وهو في بطن الحوت: أنّ هذا تسبيح دواب البحر، قال: فسبّح وهو في بطن الحوت، فسمعت الملائكة تسبيحه، فقالوا: ربّنا إنّا سمعنا صوتا ضعيفا بأرض غريبة؟ قال: ذلك عبدي يونس عصاني فحبسته في بطن الحوت، قالوا: العبد الصّالح الّذي كان يصعد له إليك منه في كلّ يوم وليلة عمل صالح؟ قال: نعم.

فشفعوا له، فأمر الله الحوت، فقذفه على السّاحل وهو سقيم] (١).

وعن ابن عبّاس قال: (أتى جبريل إلى يونس فقال: انطلق إلى أهل نينوى فأنذرهم أنّ العذاب قد حضرهم، قال: حتّى ألتمس دابّة، قال: الأمر أعجل من ذلك، فانطلق إلى السّفينة فركبها فأخشبت السّفينة، فساهموا فخرج السّهم عليه، فجاء الحوت ينصّص بذنبه فالتقمه، فنودي الحوت: إنّا لم نجعله رزقا لك، وإنّما جعلناك له سجنا، وانطلق الحوت من ذلك المكان حتّى مرّ به على الأيكة، ثمّ مرّ على دجلة) (٢).

وكان ابن عبّاس يقول: (كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ودليل هذا أنّ الله ذكر قصّة يونس في سورة الصّافّات، ثمّ عقّبها بقوله {وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ}


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الحديث (١٨٧٢٣).وفي مجمع الزوائد: ج ٧ ص ٩٨؛قال الهيثمي: (رواه البزار عن بعض أصحابه ولم يسمعه، وفيه ابن إسحاق وهو مدلس، وبقية رجاله رجال الصحيح).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير: الحديث (١٣٧٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>