للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضيّق الله على يونس أشدّ تضييق. وقيل: معناه: (فظنّ أن لن نقدر عليه) ما قدرنا من كونه في بطن الحوت.

قوله تعالى: {فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ؛} قال ابن عباس: (هي ظلمة اللّيل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت) (١)،وقال سالم ابن أبي الجعد: (كان حوتا في بطن حوت) (٢).

قوله تعالى: {إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ} (٨٧)؛أي الظّالمين لنفسي في خروجي من قومي قبل الإذن. قال الحسن: (وهذا من يونس اعتراف بذنبه، وتوبته من خطيئته، تاب إلى ربه في بطن الحوت وراجع نفسه).قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: [إنّي لأعلم كلمة لا يقولها مكروب إلاّ فرّج الله عليه، كلمة أخي يونس: لا إله إلاّ أنت سبحانك إنّي كنت من الظّالمين] (٣).

وقال وهب بن منبه: (إنّ يونس بن متّى عليه السّلام كان عبدا صالحا، وكان في خلقه ضيق، فلمّا حملت عليه أثقال النبوّة، تفسّخ تحتها تفسّخ الربع تحت الحمل الثقيل فقذفها بين يديه، وخرج هاربا منها (٤) فلذلك أخرجه الله من أولي العزم قال الله لمحمّد صلّى الله عليه وسلّم: {فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} (٥) وقال {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ} (٦) أي لا تلق قولي كما ألقاه) (٧).قوله تعالى: {(فَظَنَّ أَنْ}


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٨٧١٦).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٨٧١٩).وفي الدر المنثور: ج ٥ ص ٦٦٦؛ قال السيوطي: (أخرجه ابن جرير).
(٣) أخرجه الإمام أحمد في المسند: ج ١ ص ١٧٠.والترمذي في الجامع: كتاب الدعوات: الحديث (٣٥٠٥).والحاكم في المستدرك: كتاب الدعاء والتكبير: باب من دعا بدعوة ذي النون: الحديث (١٩٠٥) وصححه. وفي مجمع الزوائد: ج ١٠ ص ١٥٩؛قال الهيثمي: (رواه أحمد وأبو يعلى والبزار، ورجال أحمد وأبو يعلى وأحد إسنادي البزار رجال الصحيح غير إبراهيم بن محمّد بن سعد بن أبي وقاص، وهو ثقة).
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٨٧٠٤).والربع: ولد الناقة أول ما يحمل عليه.
(٥) الأحقاف ٣٥/.
(٦) القلم ٤٨/.
(٧) ينظر: معالم التنزيل للبغوي: ص ٨٥١ - ٨٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>